09 نوفمبر 2012

عبد المنعم أبو الفتوح: شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر 1970-1984

My rating: 3 of 5 stars

كتاب مهم جدا عن شهادة عبد المنعم أبو الفتوح على الحركة الإسلامية في أوجها في السبعينيات. الكتاب مهم و له عدة نقاط إيجابية
1- عنوان الكتاب يتحدث عن محتواه بالتحديد فهو لا يزعم أنه يسرد تاريخ الإخوان كله و لا تاريخ عبد المنعم أبو الفتوح بل مجرد تاريخ فترة زمنية محددة التزم بها الكاتب بنسبة عالية جدا.
2- ابتعد أبو الفتوح عن التحدث عن نشأته و أسرته و العقبات التي واجهته و كيف قهر كل الصعاب و تلك التفاصيل التي تصيبني شخصيا بالملل في مثل تلك النوعية من الكتب بل ابتعد عن التحدث بضمير المتكلم قد الإمكان.
3- الكتاب أسلوبه سلس و بسيط
4- الكتاب مفيد لمن يريد أن يعرف جزء من تاريخ الإخوان ليس من أحد أعضاء الجماعة الكبار فقط بل كذلك رؤية خارجية لشخص اختلفت طريقة تفكيره بدرجة كبيرة قبل و بعد انتمائه للجماعة
لكن الكتاب لا ينال العلامة الكاملة للسبب التالي
أكثر من الحديث عن الإيجابيات و أهمل السلبيات و الانتقادات تماما فحادث الفنية العسكرية اكتفى بالقول أنه فوجئ به و بانتماء اثنين من أعضاء الجماعة الإسلامية لمن قاموا بالعملية، رغم أنه تحدث أكثر عن حادث بعيد كل البعد عنهم و هو حادثة الزاوية الحمراء!
و بدا و كأنه لا يقوى على طرح أي مشكلة إخوانية لست أدري هل السبب وراء ذلك أنه كان لا يزال عضوا في مكتب الإرشاد وقت صدور الطبعة الأولى و بالتالي لم يكن من اللائق مهاجمتهم أم أنه عرفان بالجميل و ذلك الطابع الأصيل الذي يتميز به الرجل و الذي يمنعه من توجيه سهام انتقاداته لهم

على أي حال هذه هي قراءتي في الكتاب
1- الكتاب يبين أسباب قوة التيارات الإسلامية و هي مما توافق مع فكرة مسبقة لي و يمكن إجمالها في الآتي
إنكار الذات، تراث هائل من كتب السيرة و الفقه يمكن الاقتداء به و استخدامه في الرد على المهاجمين، منهج تلقي العلم على يد الشيوخ و إصرار هؤلاء على خطورة تلقي العلم مجردا من الكتب
إن إنكار الذات حالة لا توجد لها مثيل في كل التيارات السياسية الأخرى و تمثل نقطة قوة رهيبة لدى التيارات الإسلامية و التنظيمية -كالإخوان- خصوصا، فالمنتمي للتيار الإسلامي لا يعنيه في الغالب من يحقق الهدف بل المهم هو تحقيق الهدف، هذا لا يعني عدم وجود نزعات تسلطية لدى البعض لكن الغالب الأعم من الشباب خصوصا لا يملك تلك النزعة.
وجود تراث أدبي هائل في مسائل الشريعة و وجود عدد من كبار المشايخ الذين يمثلون المنظرين لهذا التيار يقابله غياب شبه تام عن أي أدبيات للتيارات السياسية الأخرى فمعظمها يريد تقليد الغرب و كفى لكن الإسلاميين ليسوا كذلك. إن انتشارهم يتم عبر خطب و رسائل و مطويات و كتب يتم تداولها بينهم. دلني الآن على تيار آخر لديه مثل ذلك التراث الأدبي!
كذلك هناك نقطة مهمة و هي في كيفية تلقي العلم وسط التيار الإسلامي فهم يتلقون العلم عن طريق المشايخ لا الكتب و يحذرهم المشايخ من ذلك! إن هذا يُنشئ رابطة لا يمكن قهرها بين طالب العلم و شيخه و هو ما لا يتوافر للتيارات السياسية الأخرى. إن أي تيار سياسي غير إسلامي لا يرفع من مكانة قياداته لتلك الدرجة التي تعطيهم قوة كالتي يتمتع بها مشايخ التيار الإسلامي عبر العصور. ربما جمال عبد الناصر وصل لتلك المكانة يوما، لكن تلك حالة خاصة.
2- الكتاب يشير - و إن لم يُشر أبو الفتوح لذلك صراحة- إلى سطوة هائلة يتمتع بها من يشغل منصب المرشد العام للإخوان المسلمين! إن شاغل هذا المنصب يستطيع تغيير فكر الجماعة لتوافق فكرة إن أراد. يظهر ذلك في نحاح حسن الهضيبي و عمر التلمساني في تغيير نهج الجماعة من العنف إلى الدعوة و من بعد ذلك الانخراط في العمل السياسي الرسمي و القبول بقواعد اللعبة الديمقراطية و إن لم يعلنوا صراحة موافقتهم على الديمقراطية إلا بعد ذلك بسنوات. يقول أبو الفتوح إن التيار القطبي قد توارى في تلك الفترة في الإخوان و لم يقطع إن كانوا اقتنعوا بأفكار الإصلاحيين أم إنهم أغلقوا صدورهم على أفكارهم تلك، لكنني الآن أعتقد أنه الاحتمال الأخير ذلك أنه مع صعود مرشد عام ينتمي لذلك الجناح في الإخوان، خرج الكثيرون من الإصلاحيين مثلما حدث العكس حين كانت قيادة الإخوان إصلاحية فلم يناسب ذلك قيادات التيار الجهادي في الجماعة الإسلامية في السبيعينيات و كان على أبو الفتوح أن يُدرك أن يوما مثل هذا ربما يأتي لأن كل شيء بيد المرشد!
3- يقول أبو الفتوح إنه لو كان التقى بالإصلاحيين أولا فربما لم يكن لينضم للجماعة أبدا فقد كانت تسيطر عليه في تلك الفترة أفكار رجعية -بحسب زعمه- و لست أدري إن كان أبو الفتوح قد صارح قيادات الإخوان بذلك في مرحلة مبكرة من انتمائه لهم إذ أنهم يلعبون تلك اللعبة منذ زمن. لعبة شرطي سيء.. شرطي طيب. فنجدهم يصدرون وجوها مقبولة إعلاميا و إن اختلف حديثهم مع التوجه الحقيقي للجماعة. هل يذكر أحد أن مسؤول الموقع الإنجليزي للإخوان فتاة؟؟