28 أغسطس 2013

أن تصل للقمة بعد 24 عاما من الاعتزال!



تتحدث قصص و روايات كثيرة عن العودة من الاعتزال و الوصول للقمة أو تحقيق نجاح كبير على الأقل، و قد تكون شاهداً على إحداها بنفسك، لكن من النادر أن تسمع أن شخصاً ما قد وصل للقمة و لم يعرف أحد حتى بعد اعتزاله بأكثر من 20 عاما.

حدث هذا بسبب خطأ في إدخال البيانات على جهاز الكمبيوتر!!

في ديسمبر من عام 2007، تم إبلاغ البطلة الأسترالية الحائزة على سبعة ألقاب في فردي البطولات الكبرى، إيفون جولاجونج كولي Evonne Goolagong Cawley بأنها في الواقع اللاعبة رقم 16 التي تعتلي صدارة التصنيف العالمي، و إن كان ذلك قد تم في الواقع قبل 31 عاما، ما يجعلها زمنيا اللاعبة الثانية التي تصل لهذه المرتبة بعد الأمريكية كريس إيفرت.

كان نظام التصنيف في ذلك الوقت يتم حسابه كل أسبوعين، لا كل أسبوع كما يحدث الآن، كما كان يعتمد على طريقة متوسط النقاط (إجمالي عدد النقاط مقسوما على عدد البطولات التي شاركت فيها اللاعبة).

قدمت رابطة اللاعبات المحترفات لإيفون نسخة من الكأس مماثلة لتلك التي يتم تقديمها عادة لكل لاعبة تصل للمركز الأول للمرة الأولى و اعتذر رئيس الرابطة عن ذلك الخطأ مبررا إياه بأن التصنيف لم يكن بتلك الأهمية في ذلك الوقت و كان مجرد وسيلة لتحديد قبول لاعبة من عدمه في البطولات المختلفة.

استقبلت جولاجونج الخبر بسعادة كبيرة مؤكدة إنها كانت تشعر في تلك الفترة المذكورة (26 إبريل 1976 - 10 مايو 1976) بإنها كانت الأفضل في العالم بالفعل، حيث فازت بستة ألقاب من بينها أستراليا المفتوحة و بطولة الموسم الختامية، لتتفوق على كريس إيفرت بفارق 0.8 (ثمانية أعشار) نقطة، بعد تصحيح الخطأ.

مصادر

* المصدر الثاني بنهايته قصة طريفة عن طفولتها و حلمها بالفوز بلقب ويمبلدون :)

09 أغسطس 2013

الوضع القانوني بين الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي - طارق البشري

My rating: >3 of 5 stars

يبدأ المؤلف حديثه فيعرض أن هناك ثلاثة أسباب لاضطراب البناء التشريعي في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي: جمود الفقه الإسلامي على الوضع الذي وصلنا من قرون سابقة، أسلوب الإصلاح الذي أبقى القديم على حاله و أنشأ مؤسسات جديدة بجواره، الغزو الثقافي و العسكري الأوروبي.

يتبدى جمود الفقه الإسلامي بحسب الشيخ محمود شلتوت-وفقا للكاتب- في: العناية باللفظ لا المعنى، التقديس لآراء السابقين، الانشغال بالاحتمالات التي لا تقع و إهمال فقه الواقع، التعصب المذهبي، تحريم غير المذاهب الأربعة.

أما التدخل الغربي فقد بدأ منذ إنقاذ الدول الغربية للدولة العثمانية من شبح الهزيمة على يد قوات محمد علي و تدخلهم التدريجي بعد ذلك في استبدال التشريعات الغربية بتلك القائمة وقتها في الدولة الإسلامية بحجة حماية الأقليات و الرعايا الأجانب حتى لم يبقَ إلا التشريعات المدنية غير التجارية سالمة من ذلك التغريب، و تم تقنين تلك القوانين فيما عُرِف ب (مجلة الأحكام العدلية).
رغم ذلك فإن مصر لم تخضع لذلك التغيير بسبب وضعها بعد معاهدة 1840 من حكم ذاتي، لذا عمدت الدول الغربية للتدخل في التقنين المصري، ساعدها على ذلك الانفتاح الذي حدث في عهد سعيد و إسماعيل حكام مصر، فنشأت المحاكم المختلطة و القنصلية.

يرى الكاتب أن الاعتقاد التاريخي بتحول مصر إلى القوانين الفرنسية الوضعية بسبب رفض رجال الدين تقنين الشريعة اعتقاد خاطئ، فقد تم قبل ذلك نشر مجلة الأحكام العدلية و فيها تقنين لأحكام المعاملات المدنية، بل كان السبب رغبة المسؤولين في مصر بتقديم نظام مماثل لأوروبا مما قد يساهم في عودة سيادة مصر على السلطة التشريعية و القضائية بعد أن يرى الغربيون أن القوانين المطبقة في مصر هي نفسها المطبقة في بلادهم، فتم إنشاء المحاكم الأهلية على أمل إلغاء المحاكم المختلطة.

يحكي المؤلف كذلك محاولة عبد الرزاق السنهوري تمصير القانون، فقد كان يرى أن أخذ القوانين من فرنسا احتلال لا يقل خطورة عن الاحتلال العسكري!
وضع السنهوري ترتيب مصادر القانون كالتالي: التشريع، ثم العُرف، ثم الشريعة الإسلامية، و أخيرا القانون الطبيعي. و كانت هذه أول مرة يُذكر فيها الشريعة الإسلامية كمصدر للتشريع.
و يقول السنهوري عن الشريعة "ففي هذه الشريعة، عناصر لو تولتها يد في الصياغة فأحسنت صياغتها، لصنعت منها نظريات و مبادئ لا تقل في الرقي و الشمول، و في مسايرة التطورن عن أخطر النظريات الفقهية التي نتلقاها اليوم عن الفقه الغربي الحديث".

في الكتاب أيضا نقد لتغول السلطة المركزية على الدولة، و ما أدى إليه من تحجيم للنقابات و الجمعيات و التعاونيات، بل يرى الكاتب أن ذلك سهل على المستعمر السيطرة على البلد بمجرد سيطرته على العاصمة.

يعرض الكاتب أيضا لمسألة بالغة الأهمية و هي أن التعارض بين مرجعية القانون و المرجعية الأخلاقية للفرد يخلق اضطرابا بداخل الفرد نفسه و المجتمع بالتبعية، حيث يرى البشري أن السلطة تستمد الكثير من شرعيتها من التزامها بالقانون، و القانون يستمد شرعيته من الالتزام الأخلاقي للأفراد بطاعته، فهو يرى مثلا أن فكرة الإجرام مرتبطة بالمسؤولية الأخلاقية و لا يمكن استبعاد تلك المسؤولية عند وضع أسس المحاسبة على الجرائم المختلفة.
يرى كذلك ارتباط الدين و القانون بأصل واحد في الإسلام ساهم في سرعة انتشار الإسلام، حيث إن تطبيق القانون الإسلامي في المعاملات في بلد ما يعني بالضرورة تطبيق الإسلام نفسه.

يؤكد على الفارق بين الشريعة و الفقه، فالشريعة وفقا للبشري هي ما أنزله الله سبحانه و تعالى من قرآن و كذا السنة النبوية، أما الفقه فهو اجتهاد العلماء في استخلاص الأحكام من أدلتها الشرعية.

يسرد المؤلف قصة نشأة المحاكم الأهلية و الحكم فيها بالقوانين الغربية و كيف أنها نَظِر إليها على أنها أكثر عدلا و إنصافا و أضمن للحقوق عن نظيرتها من المحاكم الشرعية إلى الدرجة التي جعلت شيوخ الأزهر أنفسهم يتحاكمون أمام هذه المحاكم! لكنه يرى في نفس الوقت إن السبب في ضعف المحاكم الشرعية يرجع لرداءة المقار و ضعف الأجهزة المعاونة و تطاول زمن التقاضي، في مقابل حداثة مقار المحاكم الأهلية و قلة القضايا المعروضة أمامها في البداية ما مكن من سرعة إنجازها بكفاءة و يقارن بين هذا الوضع و حال المحاكم حاليا من انعكاس الوضع تقريبا، مما يستبعد كون المشكلة في مصدر التشريعات نفسه.

كما يلفت النظر لكون تغريب القوانين ليس بسبب الاحتلال كما يصور البعض، فالعمل بالقوانين الفرنسية بدأ قبل الاحتلال، ثم إنها مستمدة من القانون اللاتيني الفرنسي لا الإنجليزي الأنجلوساكسوني.

يشير الكاتب إلى نقطة مهمة في مسألة التجديد في التشريع الإسلامي في المجال الوحيد الذي بقي خالصا للشريعة و هو مجال الأحوال الشخصية، فعلى سبيل المثال لا يستطيع ولي الأمر تحديد سن الزواج للفتيات بثمانية عشر عاما، لكن المجددين نفذوا لهذا الأمر عن طريقة خضوع القضاء لسلطان ولي الأمر فحظروا نظر أي قضايا تتعلق بنزاع على الآثار المترتبة على هذا الزواج (كالميراث مثلا). أي أن الدولة لم تحرمه، لكنها رفعت يدها عما يترتب عليه من آثار.

يذكر المؤلف واقعة تاريخية مهمة و هي عن سبب الميل لمذهب أبي حنيفة في التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية في مصر، فليس سبب ذلك أن أغلب شيوخ الأزهر كانوا من مذهب الإمام أبي حنيفة، بل العكس فمن 17 شيخا للأزهر حتى مطلع القرن العشرين كان أربعة منهم فقط على مذهب أبي حنيفة مقابل 11 على المذهب الشافعي، لكن السبب الحقيقي هو إن مجلة الأحكام العدلية الصادرة عن الخلافة كانت مستمدة أحكامها من مذهب أبي حنيفة و نظرا لخضوع مصر للاحتلال البريطاني في أواخر القرن التاسع عشر حين جرت محاولة تقنين الشريعة، لم يشأ المصريون قطع آخر صلة عملية تربطهم بدولة الخلافة فبقيت الأحكام في الأحوال الشخصية خاضعة لمذهب أبي حنيفة.

يخصص البشري فصلا كاملا للرد على قضية أن الشريعة لم تكن مطبقة خلال أربعة عشر قرنا إلا نصف قرن فقط، و يبين إن غلاة الإسلاميين و العلمانيين الداعين لتنحية الشريعة يشتركون في تلك الرؤية و يوضح إن نصف القرن المذكور -عهد الخلفاء الراشدين- يختلف نوعيا عما لحقه من عصور كون ذلك العصر كان ما اصطلح على تسميته فترة "السوابق التشريعية" أما ما تلاها من عصور فهي فترات تجارب و تطبيق.

و يؤكد على إن أي تطبيق للشريعة لن يبلغ الكمال أبدا و غاية ما يمكن أن نسمو إليه هو السعي للاجتهاد في الاقتراب من ذلك الكمال، بل -و الكلام للبشري- لا يستطيع أي شخص أن يدعي إن نظاما آخر قد وصل تطبيقه لدرجة المثالية التامة، سواء كان ذلك النظام ديمقراطيا أو اشتراكيا أو غيره من الأنظمة.

يقارن البشري بذكاء بين من يدعي أن الشريعة لم تكن مطبقة في عصر ما بسرد أخبار الجرائم و الانحلال، بما يمكن أن يحدث بعد عدة قرون إذا طالع أحدهم صفحات الحوادث من زمننا هذا و استنتج أننا كنا نعيش في حالة من الفوضى و الشذوذ.

يذكر الكاتب ملاحظة مهمة و هي إن الدعوة حين توجه إلى الحكومة لتطبيق الشريعة فإنها تلاقي صدا و تتعثر بينما حين تتوجه الدعوة للمجتمع فإنها تزدهر و يورد في هذا الشأن مثالا يتعلق بالحجاب حيث يرى إنه لو كانت وُجهت الدعوة للحكومة لإجبار الفتيات على ارتداء الحجاب لكان ذلك بمثابة دعوة لتغيير الواقع و للاقى مقاومة عنيفة، لكن حين قامت الدعوة لذلك بين الجمهور لاقت ترحيبا شديدا و اقتنع عدد كبير من النساء بارتداء الحجاب مما خلق واقعا -إن تزايد- يستطيع إجبار الدولة مستقبلا على إلزام النساء بالحجاب.

يشير البشري أيضا لأن الدعوة للأخذ من القوانين الغربية لم يكن الغرض منها تطبيق قوانين بعينها، فالمشرع الغربي كان يستطيع الحصول على ما يريده من تنوع و غنى الفقه الإسلامي بمصادره المختلفة حتى الشاذ منها، لكن كان القصد -في رأيه- تغيير الإطار المرجعي للأمة إلى القوانين الوضعية بدلا من الشريعة الإسلامية بما يقضي على استقلال الأمة و يكرس تبعيتها للغرب فبدلا من أن نقول "قال الله" و "قال الرسول" نقول "قال نابليون" و "قال القانون الروماني" و يدعو البشريع لا لمجرد تغيير القوانين المخالفة للشريعة، بل لتغيير الأطر المرجعية للقانون بصفة عامة لتكون الشريعة الإسلامية، حتى للقوانين الحالية غير المختلفة معها فالمسألة بالنسبة له مسألة هوية بالدرجة الأولى.


08 أغسطس 2013

الملامح العامة للفكر السياسي الإسلامي في التاريخ المعاصر - طارق البشري

My rating: 2 of 5 stars

يتعرض طارق البشري في هذا الكتاب لمسألة التجديد في الشريعة الإسلامية و يبدأ بسرد تاريخي لأوجه هذا التجديد الذي بدأ بحركتين للإصلاح، إحداهما دعوية في الجزيرة العربية و المغرب العربي، لكنها لم تصل لمصر لطبيعتها المركزية بالنسبة للدولة العثمانية، و أخرى مؤسسية في الدولة العثمانية نفسها و في مصر على يد محمد علي.
يرى الكاتب أن تعرض مصر و قلب الدولة العثمانية لمخاطر القوى الاستعمارية أدت لبداية إصلاح مؤسسي في الجيش لمواجهة تلك الأخطار، و إهمال الإصلاح الدعوي مؤقتا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.
في مصر قام محمد علي ببناء مؤسسات جديدة و ترك القديم على حاله. و يرى الكاتب أن السبب في عدم إصلاح القديم كان حتى لا يتم الصدام مع ذلك القديم، و يرى أن ذلك ليس خطئا في حد ذاته بل كان يمكن التكامل بينهما، لكن الغزو الأوروبي تسرب إلينا -وفقا للكاتب- عبر البعثات التعليمية في إطار مجموعة من السلوكيات و العادات الغربية، فقد أنشأ محمد علي المدارس لتعليم علوم الصنائع، كالطب و الهندسة، لكنها تحولت بمرور الوقت لتعلم الآاداب و القوانين الغربية.

حين واجهت الحركة الإسلامية دعوات تبشير و تغريب ساهمت في تغيير العادات و أساليب العيش، ابتعد الكثير من قادة هذا الفكر عن التجديد و لجأوا للدفاع عن الأصول و الثوابت و وقفوا ضد أي محاولة للتجديد أو التغيير.

يقسم المؤلف واقعنا في تلك الفترة إلى جانبين، الاستعمار و القابلية للاستعمار..
الاستعمار أثر خارجي يجري بغير رضائناأما القابلية للاستعمار فهي أثر داخلي و هو وضعنا من الضعف و الجهل و الجمود الذي يمكن الآخر من التغلب علينا
من رواد مدرسة مقاومة الاستعمار كان جمال الدين الأفغاني بينما كان محمد عبده أحد قادة مدرسة مقاومة القابلية للاستعمار.

يشير الكاتب لمعضلة تواجه أي بلد تحت الاحتلال تتعلق بأيهما نبدأ، طرد المحتل أم تقوية الجبهة الداخلية أولا ثم طرده و يخلص إلى أن كليهما يكمل الآخر فالاستعمار إن وُجد يضع من السياسات ما يضمن وجوده و استمراره و ضعفنا في مواجهته كما أن ضعفنا هو ما سمح في البداية للعدو باستعمارنا فلن نستطيع إخراجه دون أن نعالج أسباب ضعفنا، و يؤكد أن تغليب أحد الأسلوبين على الآخر يرجع لأيهما أيسر في سياق الأحداث.

ركز الأفغاني وحدة المسلمين في مواجهة الاستعمار و نبذ الخلافات الداخلية. أما محمد عبده حين بدأ عمله في مصر فقد كانت محتلة بالفعل و لم يكن مطروحا أمامه مقاومة الاستعمار فقد كانت الجبهة الداخلية ضعيفة للغاية. وجد أن أكبر خطر هو المذهبية فعمل على محاربتها بالرجوع للقرآن و الاجتهاد فالمسلم يجد نفسه في حرج من الابتعاد بين الفقه و الواقع إذا توقف باب الاجتهاد فإما أن تضعف قيمة الإسلام في نفسه تحت ضغط الحياة أو يبقى في حالة جمود كجمود الفقه.

و ينتقل إلى حسن البنا و إعادة تقديمه لمبدأ شمولية الإسلام و يحكي كيف إن الإسلام حين يكون مهددا في أحد جوانبه يتم التركيز على هذا الجانب بقوة مثلما يكون الوطن مهددا بالاستعمار يرتفع شعار الاستقلال في ذلك الوقت، و لا يعني ذلك أن باقي الجوانب مهملة أو إن الاستقلال مهما وقتها فقط. و هذا ما يفسر ربما كيف أن الدعوة الوهابية ركزت على العبادات أكثر من تركيزها على المعاملات.
يورد المؤلف حادثتين مختلفتين هنا
الأولى انفصال باكستان عن الهند كدولة لمسلمي الهند و كيف إنها لم تطبق الشريعة فسلك أبو الأعلى المودودي طريق التشدد و دعا لإرساء مبدأ الحاكمية لله وحده في كل شؤون الحياة و أن أي تشريع من البشر تعدي على سلطان الله بادعاء الحاكمية، و هو الفكر الذي أخذه عنه سيد قطب و يصفه المؤلف بالغلو.
أما الثانية تتعلق بجماعة التبليغ في الهند فقد اتخذت اتجاه دعوة الناس للإسلام و تذكيرهم بفروضهم و دعوتهم ليكونوا قدوة حسنة في تعاملاتهم.

و يوضح الكاتب أن الفرق بين الاتجاهين هو أنه في الحالة الأولى حين يتعرض الإسلام لخطر لا يُخشى منه على الإسلام نفسه فإن ذلك يدفع للتشدد أما حين يكون الخطر شاملا مهددا للإسلام نفسه و بقائه فإن الدعوة تبتعد عن السياسة و تقتصر على العبادات و المعاملات. ربما لهذا السبب نشأت جماعات العنف في مصر؟

يخصص فصلا كاملا للحديث عن فكر سيد قطب و مقارنته بفكر حسن البنا و كيف أن الفرق بينهما كالفرق بين الحرب و السلم!

يعتبر إن الجمود و الغلو ناتج للمحاصرة و التضييق و تهديد الأصول و الثوابت من قِبل أقلام لا تستطيع التفريق بين الأصول و الفروع و الثابت و المتغير فيشعر من يحصر على استقرار تلك الثوابت بالغربة و يدفعه ذلك لحالة من الاستنفار.

يفرق بين الإسلام و هو الكتاب و السنة و بين الفقه الإسلامي و هو اجتهادات العلماء على مر العصور و تلك الأخيرة قابلة للصواب و الخطأ و اختلاف الزمان و المكان.
يرى كذلك أن أمامنا -يقصد المهتمين بإحياء الشريعة و هو منهم- مهمتين: أولا تشكيل أوضاع المسلمين بحيث تلائم أصول العقيدة و ثانيا وضع الاجتهادات بما يلائم أوضاع الجماعة.

كما يرى إن إضعاف الإسلام أتى بتغيير عادات المسلمين على مر الزمان بالترويج و الترغيب و الإغراء فلما استتب ذلك التغريب بدأ يظهر التعارض بين الإسلام و بين أوضاع المجتمع فإما يعترف بتلك الأوضاع أو يتهم بالجمود و التخلف.
و يشير الكاتب إلى إنه لا يصح إسباغ بردة الإسلام على السلوكيات الوافدة من الغرب إن كانت تخالف أصلا من أصوله و إلا أصبح الإسلام محكوما لا حاكما.
و يرى الكاتب أنه ليس المشكل في فهمنا للإسلام و لكن المشكل هو فهمنا للعصر.

و أخيرا يدعو لتشكيل تيار أساسي سائد يعترف بأنه سيكون محلا للنقد من كل المشاركين فيه و يرى في ذلك شيئا صحيا لأن أي تيار أساسي لا ينبغي أن يعطي لأي من مكوناته وجودا كاملا و إلا استوعب هذا المكون التيار بأكمله بل يجب أن يعطي التيار كل من مكوناته وزنا حسب تأثيره و وجوده في الحياة الاجتماعية، كما لا ينبغي وفقا للكاتب أن يكون هذا التيار هو المكون الوحيد على الساحة بل يجب أن يبقى بجانبه قوى أخرى قد تكون أكثر ضيقا أو تفتحا أو غلوا.

الكتاب إجمالا ملئ بالحشو و التكرار حيث إنه عبارة عن عدة أبحاث أو ورقات بحثية و مقالات كتبها الكاتب لمناسبات مختلفة و فضل تركها على حالها حين نشرها في الكتاب.

07 أغسطس 2013

سر تبادل القبلات أسفل نبات الدبق في الكريسماس

يعود أقدم ذكر لنبات الدبق Mistletoe إلى بلينيوس الأكبر الذي سخر من الكهنة الذين كانوا يدعون أن الدبق يزيد الخصوبة و يعالج الأمراض و يعمل كمضاد للسموم و يقي من السحر و في بعض الأحيان المساعدة على التنبؤ بالمستقبل.

أما أول ذكر للتقبيل أسفل الدبق فيرجع إلى أحد الأعياد الإغريقية المسمى بـ عيد ساتورن الذي كان يُقام سنويا من أجل ساتورن إله الحصاد.

تحكي الأسطورة في الميثولوجيا النوردية ــالاسكندنافية، إن (فريجا) إلهة الحب و الزواج أخذت عهدا على كل نباتات و حيوانات الأرض ألا تؤذي ابنها (بالدور) ـــ باستثناء الدبق. لذا عمد ()لوكي إله الأذى و الاحتيال إلى استخدام حربة مصنوعة من الدبق لقتل بالدور. في بعض الروايات تحولت دموع فريجا إلى حبات من الدبق أدت لعودة بالدور للحياة مرة أخرى، ما أدى بـ فريجا لإعلان الدبق رمزا للحب، و في غمرة فرحتها قامت بتقبيل كل من مر أسفل الشجرة التي ينمو عليها البنات، ما دفعها لإعلان أن من مر أسفل الدبق لن يصيبه أي أذى، فقط سينال قبلة كعلامة على الحب.

لا يعتبر تبادل القبلات أسفل نبات الدبق علامة على الحب في كل الأحوال و إن كان بالتأكيد دليل على الصداقة، لكن إن كان الشخصان في حالة حب فعلا، فإن التقبيل هنا يعتبر كوعد بالزواج.

ورد ذكر النبات أيضا في إحدى روايات تشارلز ديكينز "أوراق بيكويك" (1836) حيث يُفهم من السياق إن التقبيل أسفل الدبق يجلب الحظ السعيد، بينما الامتناع عن ذلك يجلب سوء الحظ.

على الرغم من إن النبات يعتبر رمزا للحب، إلا إن اسمه مشتق من اعتقاد الأقدمين إن النبات ينمو من فضلات الطيور! حيث لاحظوا إن الدبق ينمو على الأغصان التي تسقط عليها فضلات الطيور. و من هنا جاء الاسم المشتق من كلمتين باللاتينية
Mistel بمعنى فضلات و tan بمعنى غصن.

في الدول الاسكندنافية و في روما القديمة كان يعتبر النبات رمزا للسلام، حيث كان يجب على أي اثنين متحاربين يلتقيان تحت الدبق إلقاء أسلحتهما أرضا و أخذ هدنة حتى اليوم التالي. وجب على الزوجين المتشاحنين تبادل القبلات و التصالح أيضا إذا وجدا نفسيهما أسفل الدبق.

في بريطانيا إبان الحقبة الفيكتورية، كان رفض فتاة لقبلة أسفل الدبق يعني انعدام فرصتها في الحصول على عرض للزواج خلال العام التالي على الأقل!


يذهب البعض للقول أن من حسن الذوق قطف حبة من النبات المعلق لكل قبلة و التوقف فقط عند قطف جميع الحبات :)



مصادر

http://www.slate.com/articles/news_and_politics/explainer/2010/12/whats_the_deal_with_mistletoe.html
http://www.coolquiz.com/trivia/explain/docs/mistletoe.asp
http://www.livescience.com/32901-why-we-kiss-under-mistletoe.html
http://allchristmas.fm/why-do-people-kiss-under-the-mistletoe/
http://www.theholidayspot.com/christmas/history/mistletoe.htm