18 أبريل 2012

كيف يفكر المجلس العسكري (3) عن ترشح عمر سليمان

حسنا الآن ترشح عمر سليمان في مبادرة درامية قبل غلق باب الترشح بأقل من 48 ساعة ثم تم استبعاده، و لهذا عدة احتمالات:
  1. تقدم عمر سليمان بمبادرة فردية منه دون تنسيق مع المجلس العسكري و كان قرار استبعاده من اللجنة الرئاسية كذلك فرديا دون تدخل من المجلس العسكري
  2. تقدم عمر سليمان بمبادرة فردية لكن استبعاده جاء بضغط سياسي من المجلس العسكري على اللجنة.
  3. تقدم عمر سليمان بدعم من المجلس العسكري و استبعاده تم دون ضغط سياسي
  4. تقدم عمر سليمان بدعم من المجلس العسكري و تم استبعاده بضغط سياسي من المجلس العسكري.
أعتقد أن مرشحا بحجم عمر سليمان لم يكن ليترشح دون دعم إحدى القوى المؤثرة على الأرض، و حتى إن قرر العكس و التقدم بنفسه دون أي دعم سياسي فبالتأكيد لم يكن لينتظر حتى اليوم الأخير لإعلان نيته في التقدم للترشح. هذا انتحار سياسي، لذا يمكننا استبعاد تقدمه بمبادرة فردية (الاحتمالين الأول و الثاني)
كذلك لا أظن أن عمر سليمان سيذهب و من خلفه المجلس العسكري ثم يخطئ في أمر بسيط كعدد التوكيلات المطلوبة من إحدى المحافظات.
لا يتبقى و الحال هكذا إلا الاحتمال الأخير و هي أن ترشحه و استبعاده جاءا في إطار مناورة سياسية.
لكني لن أكتفي بترجيح هذا الاحتمال بنظرية الاستبعاد، بل سأؤكد عليه بالآتي من تصريحات أمين عام لجنة الانتخابات الرئاسية حاتم بجاتو
وأضاف بجاتو أنه عندما تصل الصناديق الى مقر اللجنة يقوم بوضع اسم المرشح وكود المحافظة على كل صندوق ووضع رقم مسلسل على كل صندوق ثم يضع كل 1000 تأييد وعليه رقم المحافظة بعد تغليفه فى صندوق ثم يغلقه بلاصق غير قابل للفتح ثم يقوم بتحرير محضر ويقوم بالإمضاء عليه ويعطي مندوب المرشح صورة من المحضر بعد أن يمضي عليه المندوب، مشيراً إلى أنه لايتم إعادة فتح هذه الصناديق الا في حالة الطعن أو تحرير محضر وتقوم اللجنة بالتعامل مع النسخ المرقمة ضوئيا.
على لسان أمين عام لجنة الانتخابات لا يتم إعادة فحص التوكيلات إلا بعد تقديم طعن ضد هذه التوكيلات، بل و يؤكد أنه يتم تغليف التوكيلات بلاصق غير قابل للفتح!!!!!!!

و بحسب الموقع الرسمي للجنة الانتخابات الرئاسية فإنه لم يتقدم أحد المرشحين بطعن ضد عمر سليمان المصدر
لكن الأهم من هذا هو التأكيد في نهاية الصفحة
هذا وقد تقدم العديد من المواطنين بشكاوى ضد بعض المرشحين، والمعلوم أن المادة 14 من قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية الصادر بالقانون رقم 174 لسنة 2005 يقصر حق الاعتراض على المرشحين دون غيرهم.
فمن تقدم بالطعن على عمر سليمان ليتم إعادة فحص توكيلاته؟؟؟؟

حسنا قد يكون من إجراءات اللجنة الاستفسار بنفسها من مكاتب توثيق الشهر العقاري عن التوكيلات دون تقديم أي طعون  و هذا يطرح أحد احتمالين
  1. بعض المواطنين قاموا بتأييد أكثر من مرشح و بالتالي بطلت أصواتهم.
  2. قام عمر سليمان و أنصاره بتزوير بعض التوكيلات.
و يمكننا مباشرة استبعاد الاحتمال الثاني، إذ أنه لو كان عمر سليمان قد قام بتزوير بعض التوكيلات، فكيف لم تكتشف اللجنة التزوير مباشرة في العد الأول؟؟ أما إذا كانت الأختام سليمة و لكن لا أصل في مكاتب الشهر العقاري فهذا يدفعنا للتساؤل، إذا كان عمر سليمان قد استطاع تزوير الأختام، فهل لم يملك تسجيل التوكيلات في الشهر العقاري؟ لا ريب أن من يملك الأختام يملك التسجيل كذلك، و لن تفوته هذه النقطة، ثم إنه بالتأكيد لم يسجل بعض التوكيلات و يغفل عن البعض الآخر.
أما الاحتمال الأول فهو يعني و بكل بساطة أن عمر سليمان لم يكن يرتب نفسه لهذا اليوم جيدا، بدليل أنه انتقى بعض المواطنين عشوائيا لكي يحشدهم لتأييده، رغم أن كل الشواهد تدل على أن الكثيرين من ذوي النفوذ كانوا ينتظرون هذه اللحظة، ثم إن ذلك يضع هؤلاء المواطنين (31 في أسيوط على الأقل) تحت طائلة القانون و لا أعتقد أن أحدا من مؤيدي سليمان سيفعل ذلك من أجله.

إن عمر سليمان قد تم استبعاده بقرار سياسي من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، و ليس بقرار إداري من اللجنة العليا للانتخابات بسبب خطأ قانوني في أوراق تقدمه للانتخابات!!
و هذا يدفعنا للتساؤل عن أسباب هذا، و لكل أن يتخيل ما يحلو له
- التغطية على استبعاد حازم أبو إسماعيل و / أو خيرت الشاطر
- إيهام المواطنين بحياد المجلس العسكري و لجنة الانتخابات
- الإيحاء بعدم وجود مرشح للمجلس العسكري في انتخابات الرئاسة
- تطمين المواطنين و القوى السياسية و خلق حالة من الاسترخاء بعد خروج أخطر مرشح من النظام السابق و الرضا بفوز أي شخص آخر

لكن في كل الأحوال، تبقى حقيقة واحدة لمن لم يدركها بعد...
المجلس العسكري لا يقف محايدا في انتخابات الرئاسة القادمة

17 أبريل 2012

كيف يفكر المجلس العسكري (2) عن نظرية المؤامرة

في الأيام الأخيرة، بسبب ترشح خيرت الشاطر ثم عمر سليمان لمنصب رئيس الجمهورية ثم استبعادهما مع آخرين، أخذت التحليلات تتخبط و أصبحت نظرية المؤامرة مثار سخرية و تهكم
هنا مثال
اضغط على الصورة لتكبيرها أو اذهب لمصدر الكلام هنا

لم أكن أتوقع أن أقرأ هذا الكلام، خاصة من أحد الأذكياء مثل وائل غنيم
صحيح أن الشعب المصري يعشق الإفتاء بعلم و غير علم في أي شيء و كل شيء، إلا أن المجلس العسكري أثبت خلال ما يزيد على أربعة عشر شهرا أنه يتآمر على مستقبل البلد

دعونا نعد للوراء قليلا

الموقف الأول:
1- بعد معركة الجمل، يا جماعة الجيش عمره ما هياخد صفنا و مبارك قائدهم الأعلى و رجل عسكري و هم بيقدروه و يستحيل يخلعوه
2- بعد التنحي، يا جماعة كان لازم الجيش يعمل كده و يضحي برأس النظام عشان يضمن استمرار سيطرته على الدولة و يظهر بمظهر حامي الثورة

الموقف الثاني:
1- قبل الاستفتاء، "نعم" هي اللي هتخلي المجلس العسكري يستمر في الحكم أطول.... "لا" هي اللي هتعمل كده
2- بعد الاستفتاء، مكنتش فارقة كتير و المجلس العسكري ضحك علينا كلنا و نفذ اللي هو عايزه و هو التفريق بيننا و ده اللي هيخليه يستمر في الحكم أطول

الموقف الثالث:
1- قبل انتخابات البرلمان، المجلس يستحيل هيعمل انتخابات بالعكس هيتسبب في فوضى عشان تتأجل و يعلن الأحكام العرفية
2- بعد الانتخابات، ما هو أصلا العسكري عارف إن البرلمان ملوش صلاحيات و ضحك على الإخوان.

قد تبدو تلك التحليلات متناقضة للوهلة الأولى، لكنها ليست كذلك
التحليلات ثابتة على خط استراتيجي واحد "المجلس العسكري يتأمر على الثورة، و لن يسلم الحكم -بسهولة على الأقل- لمدنيين" لكنها تختلف في التكتيك المتبع لتحقيق ذلك "سحق المتظاهرين أم خلع مبارك" ، "استفتاء أم لا" ، "انتخابات أو لا انتخابات"

الفارق بين الاستراتيجية و التكتيك هو كالفارق بين الخطوط العريضة لخطة ما و تفاصيل هذه الخطة
الاستراتيجية هي الخطوط العريضة و التكتيك هو التفاصيل
و ليس من الضروري لمن يتوقع إحداهما أن يستنتج بالتأكيد الأخرى
ثم إن أي شخص لا يستطيع تحليل جميع المواقف المستقبلية بنسبة 100%
لا أحد يهبط عليه الوحي مثلا لكي يدعي معرفته الأكيدة بالغيب

و هناك أسباب كثيرة قد تجعل المجلس العسكري يغير تكتيكه للمحافظة على استراتيجيته الرئيسية منها
- الانحناء أمام العاصفة
- التنازل عن بعض المكاسب الصغيرة من أجل تحقيق مكاسب أكبر
- التنازل عن أحد المكاسب مؤقتا و استرداده بطريقة شرعية فيما بعد

الخلاصة أن هناك عديد العوامل التي قد تجعل المجلس العسكري يغير خطته و طريقة تفكيره -دون الاستغناء عن الهدف الأصلي- و في هذه الحالة يصبح تقييم التحليل القديم بناءا على الوضع الجديد عملية غير سليمة.

16 أبريل 2012

كيف يفكر المجلس العسكري

من أكثر الأمور إثارة للجدل هذه الأيام هي توقع الخطوة القادمة للمجلس العسكري. المشكلة حين يقوم أحد الأذكياء بمحاولة تفسير أفعال المجلس يراها بدائية و "خايبة" و العكس حين يفعل ذلك أحد محدودي الذكاء، فتبدو له أفعال المجلس عبقرية
أنا لست مع هذا الرأي أو ضده
المجلس العسكري ليس عبقريا و لا غبيا كذلك
هم يعرفون مجموعة من القواعد يطبقونها بحذافيرها
إحدى هذه القواعد هي تلك المستخدمة في الهجوم
الهجوم العسكري لا يتم على محور واحد و لا اثنين بل على ثلاثة محاور
1. اتجاه الهجوم الرئيسي: و هو الأصل
2. اتجاه الهجوم الثانوي: أو ما يعرفه العامة باسم الخطة (ب) في حالة فشل الهجوم الأصلي
3. اتجاه الهجوم الخداعي: لتشتيت أنظار العدو

و الحقيقة أنه لا يوجد مانع من نقل مركز ثقل الهجوم على أحد الاتجاهات الثلاثة في حالة تحقيقه لنجاح كاسح و/أو مواجهة صعوبات على الاتجاهين الآخرين.
مثلا في حالة تحقيق الهجوم الخداعي لمفاجأة العدو و وجود فرصة لمحاصرته و تطويقه مع وجود صعوبات في الهجوم الرئيسي يصبح من الغباء عدم نقل بعض القوات و المجهود باتجاه هذا المحور لضمان النصر.

تذكرت هذا و أنا أقرأ تحليلات البعض عن سؤال الساعة "من هو مرشح المجلس العسكري في انتخابات الرئاسة، إن كان له مرشح أصلا؟"
الحقيقة أن الكثيرين يخطئون في توقع خصم المجلس العسكري لأنهم يفترضون أنه سيكون له مرشحا واحدا. و هذا رغم أنه يتنافى مع قواعد الهجوم في العلم العسكري إلى أنه يتنافى كذلك مع مبدأ بسيط آخر و هو "لا تضع البيض كله في سلة واحدة"

المجلس العسكري ليس له مرشح واحد في هذه الانتخابات بكل تأكيد لعدة أسباب أولها أنه لن يغامر بخسارة إرث 60 عاما في حالة فشل هذا المرشح، و ثانيها أنه بذلك سيعطي الفرصة للقوى السياسية للاتفاق على مرشح واحد لمواجهته (حتى لو كان في مرحلة الإعادة فقط) و ثالثها أنه يطبق مبادئه العسكرية التي لا يعرف غيرها.

لكل هذه الأسباب لا أفترض وجود مرشح وحيد للمجلس العسكري في انتخابات الرئاسة.

10 أبريل 2012

عن قانون العزل السياسي

يجاهد بعض نواب مجلس الشعب، و على رأسهم المحامي عصام سلطان لفرض قانون لعزل رموز نظام مبارك عن شغل أي منصب سياسي بعد ثورة يناير. اضغط هنا
ويقضي مشروع قانون عصام سلطان بإضافة مادة 3 مكرر بالمرسوم بقانون رقم 131 لسنة 2011 وتقضي بأنه لايجوز لمن عمل خلال الخمس سنوات السابقة على تنحي الرئيس السابق فى 11 فبراير سنة 2011 بأى وظيفة قيادية فى مؤسسة الرئاسة أو الحكومة أو كان عضوًا فى مجلسي الشعب والشوري ممثلًا للحزب الوطني الديمقراطي أو معينًا فيهما بقرار من الرئيس المتنحي لا تقبل أوراق ترشحه رئيسًا للجمهورية أو أن يعمل نائبًا للرئيس أو رئيسًا للوزراء أو وزيرًا لمدة عشر سنوات تحتسب ابتداءً من تاريخ التنحي".
الفقرة السابقة هي ما يهمني، لأنني أتعجب أن تصدر من محامي مثل الأستاذ عصام، حيث أنها تتعارض تعارضا صريحا مع ألف باء القوانين الجنائية، التي لا تقر أي عقوبة إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون، و هو ما يتماشى مع المادة 19 من الإعلان الدستوري
مـــــادة 19
العقوبة شخصيــــــة.
لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.
بالطبع لم يعارض اقتراح سلطان إلا قلة قليلة من النواب يُحسبون جميعا ضمن "الفلول". و في الواقع أنني متعجب أن هناك من يوافق على هذا القانون العجيب!!
دعك أولا من نظرية أن الشعب واعٍ و سيقوم بعزل رموز النظام بنفسه، و دعك ثانيا من احتمال التعسف في تطبيق القانون.
إن هذا القانون بكل بساطة يقوم بلف الحبل حول عنق الثورة، و يسلم طرفه للمجلس العسكري!!
إن هذا القانون، سيكون السبيل في يد المجلس العسكري للطعن على عملية انتخابات الرئاسة و إبطالها (أو تأجيلها كلية) في أي وقت يشاء، تماما مثلما يمكنه في أي لحظة الآن حل مجلس الشعب بقرار من المحكمة.
و لا يقول أحد أن قرارات اللجنة محصنة، فأنا على علم بهذا، لكن القانون الذي سيقوم عمل اللجنة على أساسه باطل أصلا و بالتالي قرارات اللجنة مهما كانت محصنة ستكون باطلة بالتبعية، و لن يعدم ترزية القوانين إيجاد المخرج للمجلس العسكري إذا أراد.