24 يونيو 2013

الأرضية الأسرع ضمن بطولات الجراند سلام

4 سنوات مضت و أنا أجمع إحصاءات من بطولات الجراند سلام الأربع في التنس للإجابة على سؤال طالما شغلني. من ناحية أغلب اللاعبين يؤكدون أن بطولة أمريكا المفتوحة هي الأسرع حاليا في بطولات الجراند سلام بعد تبطئة أرضية ويمبلدون العشبية مطلع القرن الحالي. مواضيع كثيرة كُتبت في مواقع أجنبية و عربية تؤكد هذا. يكاد الكثير من الأصدقاء أن يُقسموا على صحة هذا الكلام أو على الأقل في الأسبوع الثاني الذي يتآكل فيه العُشب بصورة كبيرة.
اقرأ هنا مثلا أو هنا
لكني لم أقتنع بهذا الكلام، و كنت أظن أن بطولة ويمبلدون هي الأسرع.

في البداية، فإن الاتحاد الدولي للتنس يقيس سرعة ملعب التنس بقياس سرعة الكرة قبل و بعد ارتدادها عن الأرض، مع ملاحظة أن الأرضية التي تتسبب في ارتفاع الكرة أكثر بعد الارتداد تبدو "أبطأ" كونها تُعطي اللاعبين وقتا أطول لرد الكرة قبل الارتداد الثاني.








من ملاحظاتي الشخصية أرى الآتي:
  1. الإرسالات الساحقة (Aces) و التخليصات (Winners) و نسبة الفوز بالنقاط على الإرسال الأول في ويمبلدون أعلى.
  2. الكرات ترتد أقل ما يمكن في ويمبلدون.
  3. أرى اللاعبين يدورون حول ضربتهم الخلفية (Backhand) لتسديد ضربة أمامية (Inside-in/Inside-out Forehand) في ويمبلدون أقل من باقي البطولات الأربع الكبرى.
  4. النقاط تنتهي أسرع ما يكون في ويمبلدون.
  5. المحافظة على الإرسال أسهل في ويمبلدون.
هذه بعض الملاحظات الاولية، و هناك الكثير غيرها، و أعتقد أن أي مشاهد يضع جانبا اعتقاده المسبق بأن أرضية ويمبلدون أبطأ من أرضية أمريكا المفتوحة، و يشاهد مباراتين لنفس اللاعبين في نفس الظروف الجوية يستطيع بكل سهولة ملاحظة ذلك.

لكني لم أكتفِ بذلك، بل حرصت طوال أربع سنوات كما ذكرت على جمع الإحصاءات، فربما كنت مخطئا و كنت أنا من أرى بعين المتحيز لوجهة نظري.

هنا خلاصة ما جمعته


يتضح من هذا الجدول أن بطولة ويمبلدون تتفوق على باقي البطولات الكبرى و تحديدا بطولة أمريكا المفتوحة لمدة 4 سنوات في أي إحصائية هجومية.
  •  إجمالي الإرسالات الساحقة، نسبة الإرسالات الساحقة في كل مباراة، نسبة الإرسالات الساحقة في كل شوط، نسبة الإرسالات الساحقة إلى عدد النقاط الكلية.
  • إجمالي التخليصات (البطولة الوحيدة التي تفوقت على ويمبلدون في إحدى السنوات، هي فرنسا المفتوحة في عام 2009، أما أمريكا المفتوحة المُفترض أنها الأسرع فهي بعيدة تماما). نسبة التخلصيات لإجمالي النقاط( في الواقع فرنسا المفتوحة في المركز الثاني دائما هنا). إن عدد و نسبة التخليصات (Winners) في بطولة أمريكا المفتوحة مثير للشفقة حقيقة إذا ما قارناه ببطولة فرنسا المفتوحة، دعك من أن يصل لمرتبة المقارنة مع ويمبلدون.
  • نسبة الكسر في ويمبلدون هي الأقل في كل البطولات الأربع الكبرى.
  • نسبة النقاط التي يفوز بها اللاعبون على إرسالهم الأول هي الأعلى في ويمبلدون.
إن ويمبلدون ليست فقط الأسرع، بل إن فارق السرعة بين ويمبلدون و البطولة التالية لها أكبر من فارق السرعة بين أي بطولتين أخريين!
قمت بجمع الإحصاءات للأربع سنوات في جدول واحد لتسهيل المقارنة و لأنه كلما ازداد حجم العينة التي تجرى عليها الإحصائية فإنه عادة ما يكون هذا سببا في تقوية النتائج.
بالطبع حيث إن ويمبلدون متفوقة في كل سنة على حدة فإنه ليس من المستغرب أن تكون متفوقة في الإجمالي.


سيظهر هنا اعتراض بأن العشب في الأسبوع الأول يكون أسرع من الأسبوع الثاني الذي يتسبب تآكله في تبطئة الأرضية، لذا قمت بعمل نفس الإحصاءات على مباريات ربع النهائي حتى النهائي، و لم أجد فارقاً يُذكر.


و الإجمالي


 لكن إذا كان الحال هكذا، فلماذا يقول الكثيرون إن ويمبلدون أبطأ من أرضية أمريكا المفتوحة؟
  • عدد اللاعبين الذين يجيدون الحركة على العشب و التعامل مع الارتدادات الغير متوقعة قليل جدا، ما يتسبب في وصول لاعبين غير هجوميين لكن يجيدون هذه المهارات لأدوار متقدمة.
  • اللاعبون أصحاب القامات العالية يلعبون من آخر الملعب، لا على الشبكة، بالتالي فإنهم في وضعية أفضل لو كان ارتفاع الكرة أعلى، لا العكس، لأن هذا يجعلها في الارتفاع المناسب للتسديد. إن هؤلاء اللاعبين لا يستطيعون الاستفادة من سرعة الأرضية هنا إلا لو أنهوا التبادل مع ضربة الإرسال أو مع الكرة التي تليه مباشرة، حيث يكون رد الإرسال عاليا و سهل للإنهاء.
  • تألق رافائيل نادال في ويمبلدون، مقابل معاناته في أمريكا المفتوحة!
و هذه النقطة الأخيرة حقيقة هي مربط الفرس لكل هذا الهراء المُثار حول كون ويمبلدون أبطأ من أمريكا المفتوحة، رغم أن رافائيل نادال يعاني كثيرا أمام اللاعبين الهجوميين في ويمبلدون، و ليس سبب تألقه في الأسبوع الثاني تآكل العشب، بل لأنه لم يواجه أبدا لاعبا يملك إرسالات قوية في الأسبوع الثاني طوال مسيرته!

 و رغم كل هذا فهذه إحصائية أخرى لمباريات بعض اللاعبين الكبار في البطولات الأربع الكبرى، و مقارنة متوسط زمن الشوط الواحد، و بالتأكيد ويمبلدون في الصدارة بأقل معدل زمني للشوط الواحد مهما اختلف اللاعبان.


قمت بحساب شوط كسر التعادل بشوطين عاديين. أقل عدد من النقاط في شوط كسر التعادل هو 7 و يكون هناك تبديل واحد لطرفي الملعب، و حسبت أن هذا يُعادل أقل شوطين اعتياديين (8 نقاط). طبعا قد يطول شوط كسر التعادل، لكن الشوط العادي قد يطول كذلك!

ينتهي الشوط في ويمبلدون أسرع دائما من الشوط في أمريكا المفتوحة لنفس اللاعبين، باستثناء واقعتين.
  1. ليتون هيويت ضد روجر فيدرير في أمريكا المفتوحة 2009.
  2. أندي موراي ضد روجر فيدرير في أمريكا المفتوحة 2008.
 لن أحاول سوق تبريرات، فقط أقول إن هذا من الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
بل إن رافائيل نادال و خوان مارتين ديل بوترو لعبا في أمريكا المفتوحة 2009 و ويمبلدون 2011، و في المباراة الأولى كان ديل بوترو مكتسحا للمباراة بكل معنى الكلمة، بينما كانت الثانية تنافسية لحد كبير، و شهدت -الثانية- طلب كلا اللاعبين لوقت طبي و رغم ذلك فإن متوسط زمن الشوط ظل أقل في ويمبلدون عن أمريكا!

إلا أن السبب الذي جعلني أنهي هذا التجميع بعد أربع سنوات و قبل سنة مما كنت أخطط له هو أن بطولات الجراند سلام أصبحت -اعتبارا من فرنسا المفتوحة 2012- تنشر إحصائية بأطول التبادلات، و طبعا غني عن الذكر ماذا كانت النتيجة.






قبل أن أنتهي، أود التأكيد على أن هذه الإحصاءات لا تعني بالضرورة أن أرضية ملاعب ويمبلدون أسرع من أرضية ملاعب أمريكا المفتوحة، فهناك عوامل كثيرة تتدخل في ذلك، مثل حالة الطقس خاصة أن بطولتي أمريكا المفتوحة و أستراليا المفتوحة يلعبان فترات مسائية حيث تقل سرعة الأرضية في غياب الشمس، لكن بالمقابل فإن طقس لندن مشهور يتغيره بين لحظة و أخرى و أعتقد أن المتابع يلاحظ فترات ضبابية طويلة في نهار ويمبلدون.

لكن بدرجة أكبر فإن هذه الإحصاءات تعني أن اللعب في ويمبلدون أسرع (حسب تعريف الاتحاد الدولي للتنس لكلمة أسرع) من اللعب في أمريكا المفتوحة.

لا توجد إحصائية إلا و تتفوق فيها بطولة ويمبلدون على باقي البطولات بفارق أكبر من الفارق بين أي بطولتين أخريين.

فقط شاهدها دون أي أحكام مُسبقة :)

01 يونيو 2013

لعنة البامبينو

يُطلق مصطلح "لعنة البامبينو" على المصير الذي لازم فريق بوسطن ريد سوكس للبيسبول بعد أن قام ببيع لاعبه بيب روث، المشهور بلقب "البامبينو" إلى فريق نيو يورك يانكيز في عام 1920.
قبل إتمام البيع كان فريق الريد سوكس أكثر أندية أمريكا فوزا بالسلسلة العالمية، في حين كان اليانكيز فريقاً متواضعاً للغاية و لم يسبق له حتى التأهل للسلسلة العالمية.
كل هذا تغير بعد انتقال روث من بوسطن إلى نيويورك، فقد فشل الريد سوكس في الفوز بالسلسلة العالمية لمدة 86 عاماً (من 1918 حتى 2004) في حين أصبح اليانكيز أكثر الأندية نجاحا في تاريخ دوري كرة القاعدة الأمريكي بحصد 27 لقباً من إجمالي 40 مباراة في السلسلة العالمية.

يُعتبر روث في رأي الكثيرين من محللي اللعبة أفضل لاعب بيسبول في التاريخ، و رغم أنه كان نجماً متألقاً في صفوف الريد سوكس، إلا إن سبب رحيله لايزال غامضاً حتى الآن.
تناثرت شائعات أن سبب رحيله كان رغبة مالك الفريق في الحصول على بعض الأموال لتمويل مسرحية يقوم بإنتاجها في برودواي، يؤكد هذا قيامه ببيع عديد من لاعبيه على مدار السنوات اللاحقة لليانكيز لهذا الغرض، لكن ينفي هذا الاحتمال أن المالك أنتج بالفعل أكثر من مسرحية ناجحة قبل تمويله للمسرحية المزعومة.
من المحتمل أيضا أن يكون سبب بيع روث مطالبته بزيادة كبيرة في راتبه (20 ألف دولار في عام 1919، أكثر من 200 ألف دولار بأسعار اليوم) أو وجود دين على مالك النادي للمالك القديم.

بغض النظر عن أسباب البيع، فإن غرض المالك كان شراء عديد اللاعبين بالثمن الذي حصل عليه جراء بيع روث، لتقوية فريقه في كل المراكز، و يؤكد أنه كان يُفضل أن تكون الصفقة تبادلية لا مادية، بمعنى أن يحصل على لاعبين آخرين مقابل روث عوضاً عن المال، لكنه يقول إن أي فريق لم يكن ليقبل بهذا العرض، فروث -في رأيه- لا يمكن مبادلته بدون تدمير الفريق الذي يحصل عليه  بهكذا مقابل.

رغم هذا، فإن تلك الخطة لم تنجح، و بدأت أسطورة اليانكيز و انزوى الريد سوكس في غياهب النسيان.
ما زاد الطين بلة، قيام مالك النادي ببيع المزيد من لاعبيه لليانكيز في السنوات التالية.

الغريب أن مصطلح "اللعنة" لم يكن له وجود حتى التسعينيات، حين قام أحد كتاب صحيفة بوسطن جلوب بتقديمه لأول مرة في كتاب بنفس العنوان "لعنة البامبينو". أيضا لا وجود لمصطلح اللعنة في صحف نيويورك حتى مطلع التسعينيات.

على أي حال، بعد سنوات عجاف و خسارة السلسلة العالمية أربع مرات في المباراة السابعة، و سماع صيحة "1918" في كل مرة يذهب الفريق لملعب اليانكيز تذكيرا بآخر سنة فاز فيها بوسطن بالسلسلة العالمية، فإن الريد سوكس أنهوا اللعنة بأفضل طريقة ممكنة.
متأخرين بنتيجة 3-0 في سلسلة من سبع مباريات في نهائي الدوري الأمريكي -المرحلة الأخيرة قبل السلسلة العالمية- ضد اليانكيز، عاد فريق الريد سوكس ليفوز بالمباريات الأربع التالية، ليصبح أول فريق في تاريخ دوري البيسبول يحقق إنجاز العودة بعد التأخر بنتيجة 0-3، و يتأهل لنهائي السلسلة العالمية، ليفوز على فريق سانت لويس كاردينالز بنتيجة 4-0، لينهي انتظاراً دام 86 عاماً و يقضي على اللعنة إلى الأبد.

للمزيد