01 يناير 2012

حب .. و احترام ..

بالصدفة سمعت طرفاً من هذا الحوار الذي دار معظمه عن الحب و الاحترام
كان رأي الطرفين أنه يمكن أن يتواجد احترام بلا حب، كالعلاقة بين تلميذ و أستاذ مثلا، بينما اتفقا على عدم وجود حب بلا احترام..
حسنا، إنني لا أتفق مع هذا الرأي!
إن الحالات التي يصاحب فيها الحب عدم احترام عديدة لدرجة أني أندهش من عدم ملاحظتها
  • هذا الأب الذي يضرب ابنه بقسوة كلما أخطأ و ربما على أتفه الأسباب
  • الأخ الذي يفتِّش حقيبة أخته لأنه يشك في سلوكها أو ربما يريد أن يفرض نفسه كـ (رَجُل المنزل)
  • الأم التي تتدخل للدفاع عن طفلها كلما واجه مشكلة مع أقرانه
  • الأهل الذين يفرضون على ابنهم دخول كُلِيّة معينة، دون النظر لرغبة الابن
  • الزوج الذي يتزوج عرفياً على زوجته رغم حبه الشديد لها
كل هذه مواقف يختلط فيها الحب بعدم الاحترام، و إن كان في بعض الأحيان يكون هناك عنصر ثالث مثل عدم الثقة ..
لا أحد يستطيع أن يدَّعي أن الطرف الأول يكره أو لا يحب الطرف الثاني، بل على العكس ربما يكون الحب الشديد هو الدافع لذلك مثل حالة الأهل الذين يضغطون على ابنهم لدراسة مجال معين أو الأم التي تتدخل لحل مشاكل أطفالها
حتى باقي الحالات، لا أظن أن الأب القاسي على ابنه لا يحبه (اللهم إلا في حالات قليلة جدا)، لكنه يعتبر أن هذا هو الأسلوب المثالي لتنشئة ولده.
إن حالات الحب الممتزج بعد الاحترام تُمَثِّل الوجه الآخر لحالات الاحترام بلا حب، فبينما تكون الأخيرة بين طرف أول أقل في السن/المكانة و لا يوجد اتصال مباشر بينه و بين الطرف الثاني في أغلب الأحيان، تكون الأولى علاقة طرفها الأول في مكانة أعلى من الطرف الثاني كما و أنها علاقة قوية جداً في أغلب أحوالها.
لتوضيح السبب في هذا، كما أتصور، قمت بعمل هذا الرسم
إذا افترضنا أن اللون الأزرق يمثل الاحترام، و الأحمر يمثل الحب، فإن التواجد بين الدائرتين الخارجيتين يمثل احترام بلا حب، و إلى الداخل حب مع احترام، و في الدائرة الداخلية الصغيرة يوجد الحب بلا احترام.
إن زوجة تهيم في حب زوجها و مستعدة للتضحية بنفسها من أجله، لن تقبل في يوم من الأيام أن يصفعها على وجنتها مثلا، أو أن يستمع إلى مكالمة تجريها من هاتف موجود بغرفة أخرى. هناك دائما منطقة لن يسمح أحد طرفي العلاقة للطرف الآخر بالاقتراب منها، مهما كانت علاقتهما قوية.

إن معظم هذه الحالات تكون كما قلت بين طرفين أحدهما يعتبر نفسه في مكانة أعلى من الآخر أو هو كذلك فعلا يحاول توجيهك عادة معتقداً قلة خبرتك، لكن هناك حالات أخرى يكون فيها الطرفين على نفس المكانة و السن مثل ذلك الصديق الذي يحاول التدخل في شؤونك بحسن نية، متصوراً أنك تحتاج لعونه، مخترقا المنطقة الوسطى في الدائرة إلى المنطقة الداخلية الصغرى . لا نستطيع أن ننكر أنه فعل ذلك بدافع الحب، لكنه لم يحترم خصوصية بعض شؤونك.


إن تفسير هذه الحالات قد يتداخل فيه مشاعر أخرى غير عدم الاحترام، كعدم الثقة مثلا، أو السادية أو الاندفاع للتعبير عن الحب أو غيرها. أعرف ذلك بالتأكيد. لكني أعتقد أنه لو تواجد الاحترام لتغلب بسهولة على هذه المشاعر الأخرى، و بقي الحب.

هناك 3 تعليقات:

  1. سؤال .. هل يلغي التصرف المبدأ؟
    اي ان الحالات التي ذكرتها هي تصرّفات ضمن مواقف معينه .. التصرف الواحد، يلغي المبدأ؟

    ردحذف
  2. قصدك يعني مرة واحدة الأم تفتش حقيبة بنتها مثلا؟
    لو تقصدين هذا فسأشبهه لك بأني قاطعتك أثناء كلامك مثلا
    هو تصرف يدل على عدم احترامي لكِ
    ربما تغفرينه، لكن لو تكرر فلا أعتقد ستفعلين
    هناك مواقف بطبيعتها قابلة للتسامح فيما سبق لو تكررت مرة واحدة
    أكيد لا يوجد أب لم يقسُ يوما على أبنائه متصورا أن هذا لمصلحتهم

    لو تلاحظين أنا كتبت في بعض الحالات كلمة "كلما"

    ردحذف
  3. حسناً .. لنتحدث عن الأمر بالتفصيل

    الحالة الشعورية ايا كان نوعها تعتمد على الطرفين، الطرف الأول الذي يبذل والآخر الذي يتلقى

    في الحالتين مهم جدا جدا اعتبارك لرأيهما، لأن شعور الثاني نوعا ما يحدد مصداقية وحقيقة مشاعر الأول، وتبرير الأول يحدد دوافعه لتصرف ما أو سلوك معين

    بمعنى آخر لايمكنك تجاهل رأي الثاني بتبرير الأول!
    في كل الحالات التي ذكرتها، يقول الأول لو واجهه الآخر بمقته لتصرفاته " أنا أفعل ذلك لأني أحبك" والآخر بماذا سيرد؟ لو أنك أحببتني لما فعلت هذا !

    جزء كبير من مصداقية الشعور يعتمد على مايصل لمن تحبه ومايشعر به، لو وصل عكس ذلك .. فمن تلوم وقتها؟ لُم مشاعرك لأنها ليست خالصة بما يكفي ..

    الحب موجود بدون احترام، نعم .. لكن اذا تواجد بهذه الصيغة هل نطلق عليه تسمية حب؟ لا أعتقد ذلك .. هو شعور مختلف، شيء آخر يحوي التملك والمسؤولية الزائدة والرغبة بإثبات الشعور والاهتمام (بغض النظر عن مقداره) وشيء من محبة

    هل يوجد شعور خالص؟ تحدثنا في هذا قبلاً
    كل مشاعرنا مختلطه، نعطيها اسماً وصيغة بناء على مايطغى أكثر من غيره

    لماذا نقول أن هذا حب حقيقي وذلك لا؟ لأن خليط المشاعر غير متزن وطغى أحده على الآخر

    أعظم حب هو الذي يكون الاحترام والثقة أساسه .. هذا التركيب الأساسي، ولو اختل .. هل يكون حباً بالصيغة الراقية التي نعتقدها؟ أو نرغبها؟

    ماتعبر انت عنه، طريقة تعبيرك عن ما تعتقد أنت أنه محبة خالصه، تدلل بشكل أو بآخر على تركيبة المشاعر التي دفعتك إلى سلوك أو تصرف أو تعبير معين :)

    ماذا يطغى عليك؟ حبك للتملك مطبقا على ابنك بعذر الحب الخالص له؟
    أم استبدادك؟ أم توجسّك؟ كلها وجدت نافذه "أنا أحبه" مخرجاً لها

    تستطيع ان تطلق عليها اسم محبة، لكن برأيي فهي نتيجة لتركيبة شعورية كبيرة يعتقد الأول أن حبه هو المتسبب فيها، بينما يرى الآخر أنه مجال تطبيق لشيء ما في نفس الآخر وكفى :)
    والأهم، أنه لا يحترمه .. فكيف يحبه؟

    الأب الذي يجبر ابنه على تخصص دراسي .. لمصلحة الابن فقط؟ أم لكي لا يخيب ظن الأب فيه ومخططاته التي رسمها له في السابق؟
    الأخ الذي يفتش حقيبة اخته، حبا لها وخوفا عليها فقط؟ أم خوفا من فضيحة قد تمسّه أيضاً؟ !
    الأم التي تتشاجر نيابة عن ابنها، حبا له فقط؟ أم خوفا من الحياة بدونه أو رعبا من ضرر قد يلحق به؟ وبماذا ستشعر هي؟ عموما الام حالة مختلفه لا ينطبق عليها اي قانون .. حتى هذا الموضوع ومثالك وسردك له، لا ينطبق :)

    طبق هذه التركيبة على كل الحالات، وفي كل التصرفات، سيكون الدافع الذاتي محركا أكبر من حبّ الآخر

    الحب عطاء وقبول، أو تصديق .. إن تعذّر التصديق فلك أن تتسائل عن طبيعة ذلك العطاء، ومصداقيته

    ردحذف