04 يوليو 2012

عن التوافقية

بعد إعلان فوز محمد مرسي -مرشح جماعة الإخوان المسلمين- سجل الكثيرون بعض تعهداته للقوى "المدنية" في حالة تأييدهم له في جولة الإعادة ضد أحمد شفيق ( هنا أو هنا أو هنا )
تتلخص هذه التعهدات في الآتي:
  • نواب رئيس من خارج الإخوان، قبطي و امرأة.
  • رئيس وزراء غير إخواني.
  • حكومة تكنوقراط أو غالبية عناصرها غير إخوانية.
  • جمعية تأسيسية متوازنة، ضمان للحريات، عدم تعديل المادة الثانية من الدستور.
و تستمر المشاورات حاليا لتشكيل الحكومة و اختيار نواب الرئيس وسط أنباء متضاربة عن هويتهم أو نسبة الإخوان فيهم، و الحقيقة أنني أرفض ما اتفقت عليه تلك القوى "المدنية" مع مرسي!!
إن الاتفاق كان ظاهره التوحد و الاصطفاف لمواجهة العسكر و منع هيمنة جماعة الإخوان على الحكم، لكن اتفاق كهذا لن يحقق الغرض المطلوب منه في رأيي
  1. إن المجلس العسكري لن يستطيع الانقلاب على الديمقراطية الوليدة في مصر إلا في حالة فشل هذه الديمقراطية في تحقيق أحلام و تطلعات ملايين المصريين، و حكومة ائتلافية / تكنوقراطية مرشحة للفشل بجدارة في مثل هذه الظروف!
  2. إن تعيين نائب رئيس قبطي أو امرأة يعيدنا لنظام الكوتة الذي أثبت فشله الذريع سابقا، و لا يضمن وصول الكفاءات للمناصب العليا، ثم إن منصب نائب الرئيس هذا يحتاج لمراجعة في النظام السياسي المصري، فليس له أي صلاحيات محددة و حتى بفرض إعطاء بعض هذه الصلاحيات لهؤلاء النواب، فما فائدة وجود الوزراء و المحافظين و المستشارين؟؟ إن منصب نائب الرئيس هو بديل في بعض الدول -كالولايات المتحدة- لمنصب رئيس الوزراء، أما في حالة وجود هذا الأخير فلا فائدة من وجود نائب للرئيس!
  3. إن وجود حكومة أغلبيتها غير إخوانية مع رئيس إخواني يجعل تحديد المسؤول عن الفشل أو النجاح من المستحيلات! و في الحالتين هذا لن يفيد القوى "المدنية" بشيء! في حالة نجاح تلك التوليفة فهي لن تضيف شيئا لهم إذ سيُنسب الفضل غالبا للرئيس كالمعتاد في مصر طيلة 7000 سنة، ثم إن الحكومة المصرية لا يصل صداها غالبا خارج القاهرة الكبرى، ما يعني أن تلك التيارات المدنية لن يصل صوتها للدلتا أو الصعيد و لن تكسب أي أرض جديدة في تلك الفترة، أما لو فشلت التجربة، فغالبا سيتم التضحية بالحكومة ككبش فداء لإنقاذ رقبة الرئيس و بالتالي سيتحمل هؤلاء مسؤولية الفشل و سيخرج الإخوان منتصرين.
  4. إن إصرار التيارات "المدنية" على المشاركة بهذه الطريقة يعني أنهم لم يدركوا بعد هزيمتهم في الانتخابات التشريعية و الرئاسية و بالتالي حجم تواجدهم الحقيقي في الشارع المصري! و الاعتراف بالمشكلة لا يعني الاستسلام لها!! إن الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوة علمية لحلها! و طالما ظلت تلك القوى متصورة وجود حجم لها في الشارع أكبر من الحقيقة لن تحقق شيئا.
  5. إن هيمنة الإخوان المسلمين ليست في تشكيل حكومة إخوانية خالصة و لا حتى في حال اكتساحهم للمحليات. إن كل هذا يمكن إزاحتهم منه لو ظلوا بعيدا عن الجيش و الشرطة و القضاء و الإعلام و منظمات المجتمع المدني كالنقابات! و ليس هذا بمنعهم من تولي تلك الوزارات، فالهيمنة ليست في ذلك، إن جماعة الإخوان تسعى لاختراق تلك المؤسسات من الأسفل للأعلى و لن يضيرها أن تتنظر بضع عشرات من السنين لتحقيق هذا الهدف فهو و إن كان أبطأ من اختراق من أعلى لأسفل إلا أنه أكثر فاعلية على المدى البعيد!
  6. إنه حتى في حالة الإقرار بهذا الاتفاق، فهناك وزارات مثل الدفاع و الداخلية من المتوقع أن يتدخل المجلس العسكري في تحديدهم و وزارات أخرى مثل العدل و الخارجية قد يعينهم المجلس العسكري أيضا و حتى لو لم يتم فغالبا سيتم اختيارهم من داخل الوزارة نفسها -شخصيات غير حزبية - و هناك وزارات أخرى كالتنمية الإدارية و التنمية المحلية لا تمثل أي أهمية للإخوان، أي أن الإخوان قد -و غالبا سيحدث- أن يحسبوا هذه الوزارات من حصة الوزارات غير الإخوانية مثلما حدث في الجمعية التأسيسية الثانية.
  7. كان من الأفضل في رأيي الضغط من أجل تمثيل أكثر توازنا في الجمعية التأسيسية و اتفاق مع الإخوان على إخلاء بعض دوائر المحليات و المحافظات (حال إقرار انتخاب المحافظين) فهذا كان كفيلا بوضع موطئ قدم لتلك التيارات في أماكن لا يصلون إليها و لم يحاولوا ذلك طيلة أكثر من عام و نصف، أما المحاصصة في حكومة مركزية في القاهرة فهو لا يضيف لهم شيئا في رأيي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق