30 مايو 2013

معضلة السجينين

تُعتبر معضلة السجينين إحدى المسائل الرئيسية في نظرية الألعاب و بالتبعية في علم الاقتصاد، و المعضلة هنا هي أن شخصين قد يفضلان عدم التعاون رغم أن من مصلحتهما التعاون (!)

تبدأ القصة بإلقاء القبض على سجينين دون أدلة كافية، و لا يستطيع الإدعاء إثبات التهمة عليهما إلا بشهادة أحدهما على الآخر. في حالة رفض كليهما الشهادة ضد زميله، يمكن حبسهما لمدة قصيرة بتهمة أقل (افترض مثلا التهمة الكبرى الإتجار في المخدرات و الصغرى مخالفة مرورية). إذا لم يستطع الإدعاء إثبات التهمة الكبرى، سيقضي كلاهما عاما في السجن. إذا شهد أحدهما على الآخر و رفض الآخر الشهادة على الأول سيحصل الشاهد على البراءة و يقضي المشهود ضده أربع سنوات في السجن. لكن ...
إذا شهد الاثنان على بعضهما البعض سيقضي كل منهما ثلاثة أعوام في السجن

تعاون تعني تعاون المتهمين (اللاعبين) معا و خيانة تعني شهادة أحدهما -أو كلاهما- على الآخر
فمثلا الصف (تعاون) و العمود (خيانة) يعني أن اللاعب الأول لم يشهد ضد زميله (تعاون) في حين شهد الثاني على الأول (خيانة) و في هذا الحالة يحصل الأول على أربع سنوات في السجن في حين يخرج الثاني حراً طليقاً.
مصطلح اللاعب مأخوذ من أدبيات نظرية الألعاب Game Theory.

نجد هنا أن أي تفكير عقلاني يدفع كلا اللاعبين للخيانة!

لنأخذ اللاعب الأول كمثال:
  • إذا كان اللاعب الثاني متعاونا: في حالة تعاون اللاعب الأول كذلك يحصل الأول على عقوبة بالسجن لمدة سنة، لكن يمكنه -الأول- الحصول على نتيجة أفضل إذا خان الثاني.
  • إذا كان اللاعب الثاني خائنا: يحصل اللاعب الأول على عقوبة بالسجن أربع سنوات إذا كان متعاونا، و عقوبة أقل بالسجن ثلاث سنوات فقط إذا خان زميله بدوره.
نلاحظ هنا أنه بصرف النظر عن تصرف اللاعب الثاني فإن اللاعب الأول في وضعية أفضل في حالة قيامه بخيانة زميله و الشهادة ضده.
ليس هذا فقط بل نظرا لتماثل اللعبة، فإن اللاعب الثاني هو الآخر يحصل على نتيجة أفضل دائما في حالة خيانته لزميله.

تظهر هنا "المعضلة" في هذه المسألة حيث أن أي تفكير يُعلي المصلحة الشخصية يدفع اللاعبين للخيانة، رغم أن التفكير من منطلق المصلحة العامة قد يعرضهما لعقوبة أقل (سنة لكل منهما بدلا من ثلاث سنوات)

رغم أن التصرف النظري هذا لا يحدث في الحياة العملية كثيرا، لكن له أمثلة واقعية:
  • عدم التزام الدول باتفاقيات الحد من انبعاث الغازات السامة. نظرا لأن تكلفة الانتقال لمصادر طاقة بديلة صديقة للبيئة أعلى من مصادر الطاقة المضرة للبيئة.
  • استخدام اثنين من الرياضيين للمنشطات. إذا لم يكن أيهما يستخدمها فإن هناك دافع للاستخدام لكليهما للتفوق على الآخر  و إذا كان أحدهما يستخدمها بالفعل فإن الآخر مضطر لتقليد منافسه. هنا ينتهي بهما الحال لوضع متوازن لكنه أسوأ (الآثار الجانبية للمنشطات و احتمال انكشاف أمرهما)من لو أن كليهما لم يستخدم المنشطات منذ البداية .
للمزيد
https://en.wikipedia.org/wiki/Prisoner%27s_dilemma 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق