04 مارس 2012

هل يرغب المجلس العسكري في خروج آمن؟

مع نهاية انتخابات مجلس الشعب، خرجت أصوات (معظمها من جماعة الإخوان المسلمين و حزبها السياسي) تُلمِّح إلى رغبة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة (المجلس العسكري) الحاكم لمصر منذ تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك في الخروج الآمن من السلطة
لكن، ما معنى الخروج الآمن؟
هل هو غض البصر عن أخطاء الفترة الانتقالية (11 فبراير 2011 - تسليم السلطة للمدنيين)؟
أم هل هو غض البصر عن فساد مالي و إداري طوال سنوات سابقة لثورة 25 يناير؟
الحقيقة أنه سواء كان هذا المعنى أو ذاك، فإن الوقائع كلها تؤكد أن المجلس العسكري لم و لا يرغب في أي خروج من السلطة، لا آمن و لا غير آمن

لتوضيح ما أقصده، سأعود لموقفين سابقين ثبت عدم صحة أي منهما
الأول: الجيش المصري جاءته أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين قبل تنحي مبارك لكنه لم ينفذ هذه الأوامر و انحاز لجانب الثورة
طبعا ثبت أن هذا محض هراء بعد ذلك في شهادة المشير طنطاوي في قضية قتل المتظاهرين و المتهم فيها مبارك و العادلي و بعض مساعديه
لكن أي إنسان ذو عقل كان يجب أن يستننتج هذا الأمر قبل شهادة طنطاوي بكثير
يوم الجمعة 4 فبراير 2011 التي عُرِفت بجمعة الرحيل ( و بعد 48 ساعة على موقعة الجمل) زار المشير طنطاوي بنفسه ميدان التحرير و طلب من المتظاهرين التهدئة و قبول الحوار مع السلطة
وزار المشير محمد حسين طنطاوى، وزير الدفاع، ميدان التحرير لتفقد الأوضاع وهتف المتظاهرون مرحبين به: «يا مشير يا مشير.. إحنا ولادك فى التحرير»، بعدها تبادل المشير حديثاً قصيراً معهم وسعى إلى تهدئتهم، وقال: «يا جماعة الرجل قال لكم إنه لن يرشح نفسه مرة ثانية» فى إشارة للرئيس مبارك، ودعاهم إلى مطالبة الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، بقبول الحوار مع السلطة، قائلاً: «قولوا للمرشد يقعد معاهم». 

إما أن طلب إطلاق النار المزعوم تم قبل 4 فبراير أو بعده. إذا كان قبله، فمن الجنون أن يذهب طنطاوي لتهدئة المتظاهرين و هو يعلم بنية السلطة السياسية في إبادتهم!!
أما إذا كان طلب إطلاق النار قد تم بعد 4 فبراير، فكلنا نعلم أن النظام لم يعد لديه أي أمل بعد هذا اليوم،فما الفائدة أصلا من إصدار أمر كهذا؟

الموقف الثاني: إدعاء البعض أن أمرا بإقالة المشير طنطاوي قد صدر عن الرئيس السابق لأسباب مختلفة (رفض إطلاق النار على المتظاهرين، الاجتماع بالمجلس الأعلى و اتخاذ قرارات في غياب رئيس الجمهورية، الخ )
و الحقيقة أن هذا الموقف مضحك أكثر من سابقه، فرغم نفي عبد اللطيف المناوي (رئيس قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري في هذه الفترة) لوصول أمر كهذا إليه، إلا أننا نتساءل
إذا كان مبارك قد أصدر أمرا بإقالة طنطاوي، فمن يا تُرى الذي كان سيتم تكليفه بهذا المنصب؟
هناك عدة احتمالات
  1. تكليف رئيس الأركان، الفريق سامي عنان بتولي منصب القائد العام
  2. تكليف شخص آخر من داخل المجلس العسكري، بخلاف عنان
  3. تكليف شخص من خارج المجلس العسكري
و لا أحد يتخيل أن مبارك كان ينوي ترك الجيش بلا قيادة!!
الرد على مثل هذا التصور، في هذه الفقرة من مذكرات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، البحث عن الذات حيث يقول فيه عن إقالة الفريق أول محمد صادق القائد العام و وزير الحربية
أنهيت الاجتماع و خرجت و قد استقر رأيي على تغيير وزير الحربية المتخاذل الذي كذب علي، و استدعيت الجنرال أحمد إسماعيل الذي كان مديراً للمخابرات في ذلك الوقت و هو الذي أنشأ أول خط دفاعي في سنة 1967 من بورسعيد للسويس، و طلبت منه أن يعمل قائداً عاما للقوات المسلحة على أن يأتي في اليوم التالي لحلف اليمين كوزير للحربية، و في نفس الوقت أرسلت سكرتيري الخاص إلى وزير الحربية المتخاذل ليبلغه أني قبلت استقالته .. و أعطيت أوامري لرئيس أركان حرب القوات المسلحة بأن يتولى القيادة إلى أن يحلف الجنرال أحمد إسماعيل اليمين فلم يكن في إمكاني أن أترك أي فراغ في القوات المسلحة مهما كان بسيطاً و لو للحظات.
المصدر: البحث عن الذات ص 320-321
 
 نعود لاحتمالاتنا
لو أن التكليف كان للفريق سامي عنان، فلا ريب أن مبارك فاتحه في هذا الأمر، فلا يُعقل أن يبلغه خبر كهذا من التلفزيون!! و لا ريب أنه أمره باتخاذ التدابير اللازمة للسيطرة على القوات المسلحة حين إعلان الخبر، و لا ريب كذلك أنه صدرت أوامر بإحكام السيطرة على المباني الحيوية، كمبنى التلفزيون و بالتأكيد كان مبارك سيرسل إعلانا كهذا مع شخص يثق فيه تمام الثقة هو أو عنان على الأقل
و أخيرا، فكيف يتعامل طنطاوي مع عنان الآن و الأول يعرف أن الثاني كان سيزيحه عن السلطة، و الثاني يعرف أنه كاد يكون اليوم مكان الأول؟؟؟؟؟؟

أما عن تكليف شخص آخر من داخل أو خارج المجلس العسكري بخلاف عنان، فبالإضافة لنفس الأسئلة المتعلقة بعنان يضاف إليها، كيف يستطيع مبارك تجاوز القائد العام و رئيس أركانه هكذا ببساطة؟؟ (و قد يتجاوز أكثر منهما حسب شخصية المرشح المحتمل)
إن تغيير القائد العام و رئيس الأركان في نفس الوقت في الأحوال العادية لهو أمر جد خطير، فكيف بحالة طوارئ كهذه؟


المهم، بعد عرض هذين الموقفين لتوضيح كيفية تحليل الأمور بميزان منطقي نعود لموضوعنا الأصلي
هل يرغب المجلس العسكري حقا في خروج آمن؟
و هل هذا الخروج يتعلق بما حدث قبل تنحي مبارك أم ما بعد ذلك في الفترة الانتقالية

دعونا نطرح سيناريوهات محددة هنا
  1. المجلس العسكري كان يرغب من البداية في الخروج الآمن و لازال
  2. المجلس العسكري كان يرغب في تسليم السلطة لمدنيين، لكنه استسلم لبريق السلطة فتورط و الآن يريد الخروج الآمن
  3. المجلس العسكري كان يرغب في تسليم السلطة، لكن لضعف خبرته السياسية تورط، و الآن يخشى من العواقب
  4. المجلس العسكري لم يكن يرغب في تسليم السلطة، و حاول اغتصابها بالتسويف لكنه أدرك عدم الفائدة، و الآن يبحث عن مخرج
  5. المجلس العسكري لم يكن يرغب في تسليم السلطة، لكن أعماه الطمع و طول الفترة الانتقالية فأرادها و إلى الآن يريدها
  6. المجلس العسكري كان يرغب في السلطة سواء من البداية أو لاحقا، لكن الانقسام يهدد وحدة المؤسسة العسكرية الآن ولا بديل عن الخروج الآمن
  7. المجلس العسكري لم يكن يرغب في تسليم السلطة، و لا يزال
لنَرَ ما هي علاقة القوات المسلحة بالاقتصاد القومي اضغط هنا
إن النشاط الاقتصادي للقوات المسلحة واضح لكل ذي عينين من شركات المقاولات لمحطات الوقود لمصانع الأغذية و مزارع الدواجن و غيرها
و إذا قال قائل إن الغرض الرئيسي من هذه الصناعات هو سد حاجة القوات المسلحة، و الفائض فقط هو ما يذهب للجمهور
حسنا، لماذا إذن تقوم القوات المسلحة بإنشاء قاعات أفراح؟؟؟؟؟؟
بل، و لماذا أصلا تقوم القوات المسلحة بإنتاج ما يفيض عن حاجتها بهذه الكميات المهولة التي تصل إلى نحو 30-40% من الاقتصاد المصري، إذا كان الغرض الرئيسي هو سد حاجتها؟
و السؤال الأهم، هل سيقبل ضباط القوات المسلحة الذين يتنعمون في خيرات هذه المشاريع بانسحاب القوات المسلحة من الإشراف عليها و تركها للمدنيين؟
أما من يتخيل أو يتصور عدم وجود فساد في الجيش في ما يتعلق بهذا الملف، فهو بالتأكيد يوافقني على أن هذا الاحتمال للخروج الآمن غير موجود :)، و لا يبقى غير أخطاء المرحلة الانتقالية التي قد تستدعي خروجا آمنا


نأتي إلى أخطاء المرحلة الانتقالية
هل كانت بسبب ضعف خبرة المجلس السياسية؟
الحقيقة أن من يقول هذا الكلام يبدو أنه لازال في السنة الأولى في عالم السياسة
إن منصب وزير الدفاع هو منصب سياسي بحت!!
المنصب العسكري هو منصب القائد العام للقوات المسلحة
و قد حذر الفريق سعد الدين الشاذلي -رحمه الله- من هذا المزج بين المنصب السياسي و المنصب العسكري في كتابه عن مذكرات حرب أكتوبر (اضغط على الصور لتكبيرها)



إن الحرب هي امتداد للسياسة بطرق أخرى
و قرار الحرب قرار سياسي بحت، للجانب العسكري دور في اتخاذه بالتأكيد، لكنه ليس الموقف الوحيد الذي يجب دراسته
هناك الموقف الاقتصادي و التأييد الدولي و القبول الشعبي و وحدة الجبهة الداخلية
مثلا الولايات المتحدة لم تحارب في أفغانستان و لا العراق إلا بعد الحصول على تأييد دولي، و إسرائيل قامت بتشكيل حكومة ائتلاف وطني قبل حرب يونيو 1967 لضمان توحيد موقف الأحزاب السياسية و هكذا
و حتى لو سلمنا جدلا بضعف الخبرة السياسية للمجلس العسكري و أنها السبب في وصول الحال إلى ما وصل إليه
لماذا إذن لم يعطِ المجلس العسكري سلطات حقيقية لرئيسي وزراء مصر بعد الثورة، عصام شرف و كمال الجنزوري؟
إذا قال قائل بأن قادة القوات المسلحة لم يتعودوا بحكم طبيعتهم على الاستماع لوجهات نظر آخرين و أن طبيعة العسكريين تحتم أن يتخذ القائد القرار في النهاية و يلتزم به المرؤوسون، حسنا كيف نتصور أن يسلم هؤلاء السلطة للمدنيين؟ كيف نتصور أن يقبل القائد العام أو رئيس الأركان في يوم من الأيام أن يعزله رئيس الجمهورية المدني؟
ثم كيف يتفق هذا مع مشهد سحل فتاة التحرير و مجازر محمد محمود و مجلس الوزراء و غيرها؟
إذا كان الموضوع كله ضعف خبرة سياسية، فكيف يعتدي مجندين بالجيش المصري على فتاة بهذه الصورة الوحشية؟
قد يقول قائل إن هؤلاء المجندين فعلوا هذا بدون أوامر مباشرة. حسنا، هل نثق في قدرة قواتنا المسلحة و هي لا تستطيع ضبط النفس بهذه الطريقة؟ ثم مِمَ يخاف المجلس لو كان الأمر كذلك؟ العاقبة تقع على مرتكب الجريمة و ليس للمجلس العسكري دور هنا
 لا يمكن الجمع بين قول أن هذه أخطاء غير متعمدة نتيجة ضعف الخبرة السياسية و بين رغبة المجلس في خروج آمن أبدا!!




نأتي لنقطة أن المجلس كان يريد تسليم السلطة، لكنه وقع ضحية لبريق السلطة بسبب طول الفترة الانتقالية، و هذا ما يروج له أنصار التيار الإسلامي و بصفة خاصة حزب الحرية و العدالة و جماعة الإخوان المسلمين
حسنا
أولا: منذ ثورة يوليو و رئيس الجمهورية يأتي من الجيش، و لم تشذ هذه القاعدة، حتى أثناء تصاعد سيناريو التوريث، كانت كل الإشارات من المؤسسة العسكرية تعبر عن رفضها لتولي جمال مبارك الحكم.
و حتى لو سلمنا جدلا بأن رفض المؤسسة العسكرية لجمال ليس لطبيعته المدنية بل لرفضهم مبدأ التوريث، فمَن مِن المدنيين، كان سيخلف مبارك إذن و سيوافق عليه الجيش لو كان مبارك وافته المنية قبل ثورة يناير؟
لو كانت الإجابة أنهم لن يتدخلوا، فالدستور كان تم تفصيله على مقاس جمال، و لو أنهم تدخلوا فلحساب من؟ الأكيد أننا كنا سنعيش نفس السيناريو بحذافيره
ثانيا: يعتمد أغلب من يتبنون هذا الزعم على تصريح لبعض المسؤولين المقربين من المجلس العسكري أكدوا فيها أن المجلس العسكري أطال الفترة الانتقالية استجابة لضغوط من قوى ليبرالية و علمانية أصابها الفزع من سيطرة الإسلاميين على مقاعد مجلس الشعب و الحقيقة أنني لا أوافق على هذا الكلام
نعم، ضغطت القوى العلمانية على المجلس العسكري لتأجيل الانتخابات، لكن ...
منذ تنحي مبارك، و القوى العلمانية تطالب بدستور جديد و لم يستجب المجلس العسكري و شكل لجنة لتعديل الدستور القديم
بعد إعلان التعديلات الدستورية طالبت القوى العلمانية بالتصويت بلا أو مقاطعة الاستفتاء أصلا و مع ذلك خرج أعضاء من المجلس العسكري يشرحون ميزة التصويت بنعم
بعد ظهور النتيجة تعالت الصيحات العلمانية المستنكرة الخائفة و كان هذا بيان المجلس
يؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه لا صحة للأنباء التى تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن تأجيل انتخابات الرئاسة لعام (2012)، كما يؤكد المجلس أن القوات المسلحة تسعى لإنهاء مهمتها فى أسرع وقت ممكن وتسليم الدولة إلى السلطة المدنية التى سيتم انتخابها بواسطة هذا الشعب العظيم. والله الموفق
كان هذا الكلام يوم 27 مارس 2011 قبل صدور الإعلان الدستوري بثلاثة أيام
و السؤال هو
منذ 12 فبراير و القوى العلمانية تطالب بدستور جديد و مجلس رئاسي و و و ، و كل هذا و المجلس العسكري لا يستجيب لهم
ماذا حدث في خلال ثلاثة أيام ليجعل المجلس العسكري فجأة يستجيب للقوى العلمانية؟
ثم كيف كان سيتم تسليم السلطة للمدنيين حتى لو التزمنا بخارطة الطريق الأصلية خلال ستة أشهر و انتخابات البرلمان بغرفتيه منذ فتح باب الترشح حتى انتهاء آخر مرحلة من انتخابات مجلس الشورى استغرقت ما يقرب من 5 أشهر، و بعد اختصار شهر كامل من انتخابات مجلس الشورى؟!
إنه بفرض بدء الانتخابات البرلمانية في يونيو 2011 فلم تكن لتنتهي قبل نوفمبر من نفس العام
هذا بخلاف أن هذه الفترة يتخللها شهر رمضان و العيدين، مما يعني تأجيلات لا حصر لها قد تجعل انتخابات البرلمان تنتهي في يناير 2012 على الأرجح. أي إننا حتى لو سرنا على خارطة الطريق الأصلية كنا سنختصر شهرا واحدا أو اثنين على أفضل التقديرات!!
ثم إن الدولة التي تشابهنا في ظروفنا و هي تونس انتهت ثورتها في يناير و أجرت انتخاباتها في أكتوبر
في مصر تنحى مبارك في فبراير، فهل كان من الممكن حقا تنظيم انتخابات في يونيو؟
طبعا التذرع بهذه الحجة يأتي على هوى أنصار التيارات الإسلامية التي تريد إلقاء تبعة إطالة الفترة الانتقالية على العلمانيين
و هم محقون إلى حد ما
فالعلمانيون كانوا وسيلة المجلس العسكري لإطالة الفترة الانتقالية، بعد أن استفزهم ضم عضو من الإخوان المسلمين للجنة تعديل الدستور التي كانوا يرفضونها كمبدأ فسارعوا إلى المجلس العسكري للصراخ ليظهر بعدها المجلس في صورة من يحاول التوفيق بين الفصائل السياسية بالاستجابة لهم رغم أن الواقع كما أوضحت في السطور السابقة يكاد يقطع باستحالة الانتهاء من الفترة الانتقالية في موعدها المفترض طبقا للاستفتاء.
ثم إذا كان المجلس العسكري وقع ضحية لإغراء السلطة بعد بضعة أشهر، فكيف نثق في أي شخص يتولى منصب رئيس الجمهورية و الذي طبقا للدستور سيظل فيه لمدة أربع سنوات؟
بل و كيف يتخلى من تنعم في السلطة عنها بهذه البساطة -عبر الخروج الآمن- إذا كان قد وقع فريسة للإغراء؟
 
أما بالنسبة لنقطة أن المجلس يحاول ألا يحدث انقساما في صفوفه، فهي مضحكة في أفضل الأحوال
نعم هناك ضباط كثيرون لا يؤيدون المجلس العسكري الآن إما لأنهم شرفاء، أو لأنهم يطمعون أنفسهم في نصيب من الحكم
لكن تطل تساؤلات هنا
هل يتخيل أحد أن مبارك و مجلسه العسكري كانوا يسمحون بوصول الشرفاء لمناصب قيادية في الجيش؟
نعم هناك شرفاء، لكن ما هي مناصبهم و حدود سلطاتهم؟
ثم أين هم بعد عام كامل على الثورة و كل ما صحبها من أحداث؟
و لماذا لم يخرجوا مع ضباط 8 إبريل؟
و هل سيرضون باستمرار نفس أعضاء المجلس العسكري -الفاسدين في نظرهم- إذا ما قرر الرئيس الجديد استمرارهم؟
ثم لماذا يسعى المجلس لخروج آمن في هذه الحالة؟
يكفيه تسليم السلطة للمدنيين
أما إذا كانوا من الطامعين في الحكم، فهل سيكفي خروج المجلس العسكري من الصورة لإسكاتهم، أم أنهم سيستمرون في الحلم بالسلطة؟
و أيضا نفس السؤال، لماذا يسعى المجلس للخروج الآمن و لا يكتفي بتسليم السلطة؟


إن المجلس العسكري لم يكن يرغب في تسليم السلطة للمدنيين، لا سابقا و لا الآن
إن المصالح الاقتصادية و الخارجية التي تربط أفراد المجلس العسكري تجعل من الصعب جدا -حتى لو فكروا أو أرادوا- أن ينتهي دور الجيش من الحياة السياسية و الاقتصادية المصرية
إن أعضاء المجلس العسكري ليسوا عباقرة، لكنهم بالتأكيد ليسوا أغبياء
منذ التنحي و هم يتبعون مع الشعب سياسة فَرِّق تَسُد
في البدء أتوا بعضو من الإخوان في لجنة التعديلات الدستورية، ثم حين فزع العلمانيون استجابوا لمطالبهم بالدستور قبل الرئاسة
و حين أصدر وثيقة المبادئ فوق الدستورية كانت من وراء ستار شخص علماني، ليستفز التيارات الإسلامية
و بعدها ترك الإسلاميين يكتسحون انتخابات البرلمان في نفس الوقت الذي يسحل الفصيل العلماني من الثوار لتعميق الخلاف بين الفريقين.
إن التفاوض مع المجلس العسكري ليس بالسهولة التي تجعله يتقدم من تلقاء نفسه بعرض للخروج الآمن
هل نسي الجميع ما حدث في لقاء الفريق سامي عنان برؤساء الأحزاب السياسية؟

لقد أثبت المفاوضون جميعا فشلهم و ضعفهم أمام نائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة
فقد وقعوا على كل ما يريده، و لم يحصلوا إلا على حق الترشح على المقاعد الفردية في مجلس الشعب و الشورى
لقد كان اختبارا فشلوا فيه بجدارة و تراجعوا بعده
إلا أنه أثبت حقيقة واحدة
ما يريده المجلس العسكري سيحصل عليه بترحيب و مباركة من كل الأحزاب
هل بعد كل هذا يظن البعض أن المجلس العسكري يستجدي عطف القوى السياسية للموافقة على خروج آمن؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق