27 مارس 2012

هل هناك خلاف حقا بين الإخوان المسلمين و المجلس العسكري؟؟

خلال الأيام الماضية تصاعدت حرب بيانات بين جماعة الإخوان المسلمين التي يحوز حزبها السياسي، حزب الحرية و العدالة، على أكثرية نيابية من جهة و المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يمتلك سلطات رئيس الجمهورية من جهة أخرى
وسط شد و جذب و دعوات لمليونيات لإسقاط حكومة الجنزوري، و انشقاق في صف ثوار تويتر و الفيسبوك ما بين مؤيد للعسكر و معارض لهم، لابد أن نسأل أنفسنا السؤال البديهي أصلا
هل هناك خلاف حقا بين الطرفين؟؟
الإجابة على هذا السؤال قد تكون:
  1. هناك خلاف حقا بين الجماعة و المجلس بسبب ديكتاتورية العسكر و رغبة الإخوان في تشكيل الحكومة. 
  2. الموضوع عبارة عن حرب تكسير عظام، يريد كل طرف أن يخرج منها بأكبر المكاسب.
  3. الموضوع تمثيلية لإلهاء الشعب عن الأزمات الحالية.
  4. الموضوع جزء من الصفقة المحتملة بين الطرفين التي لا يوجد دليل مادي عليها حتى الآن.
مؤيدو الفرضية الأولى يبنون موقفهم على الخبر الذي تم تداوله عن تعرض رئيس مجلس الشعب، محمد سعد الكتاتني، لتقريع من المشير حسين طنطاوي، بسبب عزم البرلمان سحب الثقة من حكومة الجنزوري.
لكن، يا تُرى لماذا قام الإخوان بالتصعيد في هذه المرحلة، و هم على بعد شهرين أو ثلاثة من إصدار دستور جديد للبلاد سيعطيهم هذا الحق؟
لقد حرص الإخوان المسلمون طوال الفترة الانتقالية على تجنب الصدام مع المجلس العسكري، و سواء كان هذا بسبب وجود صفقة أو بسبب دهاء سياسي، ففي الحالتين يتوجب عليهم حتما المداهنة و عدم التصعيد الآن.
و حتى السبب الواهي الذي يقول إن حكومة الجنزوري تقوم حاليا بنهب ثروات مصر تحت إشراف المجلس العسكري فهذا لا يمكن تصديقه، إذ أن المجلس العسكري يحكم البلاد فعليا منذ أكثر من عام، فهل خطر ببالهم نهب الأموال الآن؟؟؟؟
لقد كان من الممكن أن أصدق هذا لو أن المجلس العسكري هو الذي بادر بالتصعيد ضد الإخوان.
أما و أن الإخوان شكلوا اللجنة التأسيسية كما يحلو لهم و كما هو متوقع فإن هذه الأخيرة ستنتهي من كتابة الدستور في غضون ثلاثة أشهر على الأكثر و حسب مصادر متعددة سيكون النظام شبه رئاسي و تشكيل الحكومة من حزب الأغلبية، فلماذا يجازف الإخوان الآن؟؟
 و لو افترضنا أن البيان كان ردا على تقريع طنطاوي للكتاتني، فهل إصدار بيان هو الرد الأمثل؟؟ كان يمكن اتخاذ إجراء أكثر فاعلية يتمثل في المضي في خطة سحب الثقة من الحكومة و إحراج المجلس العسكري.
و إذا قال قائل، إن المجلس العسكري هو الذي بدأ بالتصعيد بالتهديد بحل مجلس الشعب، عن طريق الضغط على المحكمة الدستورية العليا لقبول الطعون المقدمة ضد البرلمان، فهذا مردود عليه بأن هذا الإجراء لو اتخذه المجلس العسكري فسيعيد الإخوان لميادين مصر و هو عكس ما يريده المجلس العسكري الذي يتبع سياسة فرِّق تسُد منذ فبراير 2011، كما أن البلاد تحتاج حتما لوجود برلمان إن عاجلاً أو آجلاً، و في كل الأحوال سيفوز من فاز مسبقاً، فلا يُعقل أن تتغير الخريطة الانتخابية بصورة كبيرة خلال أشهر قليلة، فلِمَ هذا الإجراء أصلا؟ و إذا كان المجلس العسكري ينوي تزوير الانتخابات القادمة، فلماذا لم يزور الأولى؟

أما الفرضية الثانية، فهي تدخل ضمنا مع الفرضية الأولى
إذ كيف تتشكل الجمعية التأسيسية على هوى الإخوان ثم يبادرون لفتح جبهة هم في غنى عن الدخول فيها؟؟
ثم إنهم اتخذوا خطاً هادئاً طوال عام كامل، فلماذا يقامرون بكل هذا قبل خط النهاية بأشهر قليلة؟؟

و بالنسبة للفرضية الثالثة، فرغم أنها تقطع بوجود صفقة بين العسكر و الإخوان، إذ لا يُتصور أن يكون الإخوان يحملون الخير لمصر، كما في شعارهم، ثم يتفقون مع العسكر على هذه التمثيلية بدون وجود سابق اتفاقات بينهما
لكننا سنفترض أن هذا كل ما بين العسكر و الإخوان.. تمثيلية مؤقتة فقط
كان هناك الكثير مما يمكن أن يؤدي التأثير المنشود لهذا الغرض و أبسطها الجمعية التأسيسية التي تم تشكيلها هذا الأسبوع، فهي وحدها كفيلة بفتح أبواب لا نهائية للجدال و المناقشات و التصعيد من كل الأطراف
فلماذا يلعب الإخوان و/ أو المجلس العسكري بإحدى أوراقهم في هذا الوقت المبكر دون داعٍ؟

يتبقى الفرضية الرابعة، و هي الصفقة المحتملة
و الحقيقة أن هذا هو ما أميل إليه (إلا إذا حدث موقف معين، سأذكره في نهاية التدوينة)
إن مصر مقبلة على أول انتخابات رئاسية بعد ثورة يناير
و في حالة وجود صفقة ما بين الإخوان و المجلس العسكري، فمن مصلحتهما وجود خلاف على السطح بينهما
الآن الإخوان بصدد تأييد أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة على عكس ما ظلوا يعِدون به طوال عام كامل
لماذا يفعل الإخوان هذا، و هم بصدد كتابة دستور يؤسس لنظام شبه رئاسي في الوقت الذي يملكون فيه أغلبية في البرلمان؟؟
في نظام شبه رئاسي سيكون للرئيس السلطة على وزارتي الدفاع و الخارجية -و ربما الداخلية أيضا- و هما وزارتين لا أعتقد أن الإخوان يرغبون -على الأقل في هذه المرحلة- في توليهما
وزارة الدفاع تعني صدام مع المجلس العسكري
وزارة الخارجية تعني فتح ملفات العلاقة مع إسرائيل و هي ملفات ستضع الجماعة في أزمات هي في غنى عنها حاليا.
إن الإجابة الوحيدة هي أن الإخوان مضطرون للدفع بمرشح أو تأييد أحد الموجودين فعليا على الساحة لأن هذا هو المطلوب منهم!!
و الطريقة الوحيدة لفعل ذلك هي باختلاق صدام مع المجلس العسكري لكي يبدو الموقف كما لو أنهم مضطرون لفعل هذا، و أيضا سيساهم هذا الموقف في خلق حالة تعاطف و تأييد مع مرشحهم لمواجهة العسكر، الذين يحسب الجميع أن الإخوان مختلفون معهم.

إنني مستعد لتصديق أن هناك صداما فعليا بين الإخوان المسلمين و المجلس العسكري في حالة واحدة فقط و هي أن يمضي مجلس الشعب قُدماً في إجراءات سحب الثقة من حكومة الجنزوري ثم يدخل نواب المجلس (على الأقل المنتمون لحزب الحرية و العدالة) في اعتصام مفتوح لحين تكليف المجلس العسكري لحزب الأغلبية بتشكيل حكومة جديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق