02 ديسمبر 2012

دستور مصر (1) - المادة 13

وصلنا للمسودة النهائية للدستور أخيرا، و على عكس الكثيرين ممن بدأوا حديثهم بباب الحريات، أو المادة الثانية و المادة المفسرة لها أو باب الحقوق و الحريات، أو نظام الحكم، أو حتى وضع المؤسسة العسكرية، اخترت أن أبدأ بالمادة 13
إنشاء الرتب المدنية محظور
هذه المادة مأخوذة من دستور 1971 و نشأت بعد ثورة يوليو 1952 للقضاء على الرتب المدنية (البكوية و الباشوية) التي كانت ترسخ التقسيم الطبقي بين أفراد المجتمع.
لا اعتراض لدي على المادة طبعا، لكن المشكلة أنه رغم أن تلك المادة قضت على الرتب رسمياً إلا إنها لم تلغِ استخدامها على أرض الواقع!
ضابط الشرطة يُقال له "باشا" و أحياناً أيضا ضابط الجيش، القاضي و وكيل النيابة يقال له "بك".
رجال الأعمال أيضا يُلقبون بتلك الألقاب من العاملين في شركاتهم و أصحاب النفوذ كذلك.
بل إن رئيس الجلسة نفسه خاطب أحد الأعضاء غير مرة بلقب بك "ناجي بك"!!!

لم تقتصر الألقاب على البكوية و الباشوية، فالطبيب لابد أن تُخاطبه دائما بلقب "دكتور" و إلا أخذ يصحح لك الاسم أو نظر إليك تلك النظرة التي تشعر كما لو أنه يود لو صفعك! أيضا أي حائز على درجة الدكتوراة لابد أن يضعها قبل اسمه في أي مناسبة.
هل كان أحدكم من قراء نبيل فاروق أو أحمد خالد توفيق؟ الاثنان طبيبان و الثاني يحمل شهادة دكتوراة في الطب كذلك و يُكتب اسميهما على غلاف الروايات دائما مسبوقا بحرف "د"!
المهندسون و الصيادلة كذلك يضعون ألقابهم قبل أسمائهم و يصرون عليها.
قارن ذلك بما يحدث في الغرب و تحديداً في الولايات المتحدة حيث لا يتم ذكر شهادات أو رتب أي شخص ما لم يكن الحديث متعلقا بهذا الخصوص، و يكتفون غالباً بلقب السيد (Mr.) أو السيدة/الآنسة (Mrs./Ms.)
حاول أن تقول لطبيب أو قاضٍ أو مهندس أو تكتب عنه هكذا في مصر وانظر ماذا سيكون رد فعله.

ما أريد قوله أن المسألة ليست في الدستور فحسب -رغم أهميته الكبيرة- لكنها في ثقافة شعب كذلك.
مثلا الدستور الأمريكي لا يذكر أبدا حق تكوين الأحزاب، لكنها موجودة و فاعلة على أرض الواقع، بل إن فرصة المستقلين هناك شبه معدومة في أي انتخابات خصوصا الرئاسية!
الدستور مهم، لكن الأهم هو توعية الشعب و تثقيفه بحقوقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق