17 مايو 2010

سيطرة لنادال على موسم التراب قبل رولان جاروس


بعد بطولة مونت كارلو، أقيمت بطولتين أخريين فئة 1000 نقطة في روما و مدريد، بفاصل زمني أسبوع بين بطولات الماسترز الثلاث، لعبت خلاله بطولات فئتي 500 نقطة و 250 نقطة. من ناحية أخرى أقيمت ثلاث بطولات رئيسية للسيدات في شتوتجارت و مدريد و روما. سنلقي نظرة على أبرز الأحداث و النتائج.

1- بعد الفوز الساحق الذي حققه نادال في مونت كارلو بخسارة 14 شوطا فقط في 5 مباريات، انتظر الجميع عودة المصنفين الكبار في روما و مدريد لكي نحكم على مستوى رافا، الذي بقي لمدة 11 شهرا دون ألقاب، و أرجع الكثيرون سهولة فوزه لغياب أبرز منافسيه، و على رأسهم السويسري روجر فيدرير و السويدي روبن سودرلينج، آخر لاعبين هزما رافا على التراب.

2- استطاع رافا إسكات أبرز منتقديه بالدفاع عن لقبه في روما في وجود جل المصنفين الأوائل، لكن الفوز لم يكن مقنعا أيضا. رافا لم يواجه أي لاعب ضمن الـ 16 الأوائل على العالم في طريقه للقب، و واجه صعوبات جمة في مباراته مع اللاتفي الشاب إيرنستس جولبيس في نصف النهائي، و هو لاعب يعتمد على الضربات القوية و يمتاز بطول القامة، نفس صفات السويدي روبن سودرلينج، الذي فاجأ العالم بإقصاء نادال في الدور الرابع من فرنسا المفتوحة هذا العام. ثم أتت مدريد، و التي تعطي أفضلية أكبر لأصحاب الإرسالات القوية و الضربات السريعة، كما تحافظ على الكرة منخفضة مقارنة بباقي الأرضيات الرملية للبطولات الرئيسية. كانت أصعب اختبار لرافا هذا الموصم على الرمل، فهو خسر في نهائي الموسم الماضي أمام خصمه العنيد فيدرير في مباراة يعتبرها الكثيرون نقطة تحول كبرى في مسيرة اللاعبين. فعليا، لم يبد رافا منيعا كعادته على التراب، و تعرض لمضايقات في أكثر من مناسبة من لاعبين أصحاب إرسالات سريعة أو لا يخشون ضرب الكرة بكل قوة، و تعرض للإحراج في نصف النهائي أمام مواطنه نيكولاس ألماجرو، الذي كسر إرسال نادال 3 مرات في مجموعة واحدة!! لكن رافا بإصراره و عزيمته اللذين يميزانه عن أقرانه استطاع الوصول للنهائي ليضرب موعدا مع السويسري روجر فيدرير الذي قضى على أحلامه مرتين في الجمع بين بطولات الماسترز الثلاث المقامة على الأراضي الرملية.

3- من ناحية أخرى، فإن بداية فيدرير كانت متعثرة حيث افتتح موسمه الترابي بخسارة من جولبيس في روما، في مباراة أعادت للأذهان اخفاقاته في بطولات الماسترز في الولايات المتحدة قبل شهر أو يزيد. جاءت إستوريل البرتغالية لتمثل أفضل استعداد، حيث لم يشارك فيها أي لاعب من المصنفين الأوائل، و اكتملت فرصة فيدرير بانسحاب المصنفين الثاني و الثالث من البطولة، لكنه نجح في الخسارة أمام ألبرت مونتانيس في نصف النهائي مهدرا تقدما عريضا في شوط كسر التعادل في المجموعة الثانية. أتت مدريد كبطولة تمنح فيدرير أفضلية كونها الأنسب لأسلوب لعبه الهجومي، و رغم البداية الجيدة، إلا أنه لم يكن مقنعا خاصة مع عادته الجديدة في خسارة إرساله في افتتاح الكثير من المجموعات، كدليل على ضعف تركيزه الذهني مع بداية المباريات، و هي أشياء كان يتميز روجر دائما بعكسها، لكنه استطاع تجاوز عقبات البطولة ليضرب موعدا مع نادال في نهائي البطولة للعام الثاني على التوالي، و لتكون المواجهة الأولى في خلال 12 شهرا بين اللاعبين الكبيرين.

4- المباراة لم ترق للمستوى المأمول. هذه حقيقة. لكن هذا لا يمنع أننا خرجنا ببعض الدروس المستفادة منها، خاصة أننا سنوضح في النقاط التالية أن مواجهة في نهائي رولان جاروس هي السيناريو الأكثر ترجيحا. روجر فيدرير كان يعلم أن نسبة عالية من الإرسال الأول ستكون هي المفتاح للسيطرة على التبادلات و فرض أسلوب لعبه على خصمه الإسباني، و حقق فعلا نسبة 67%(أفضل نسبة له في بطولة هذا العام 70% أمام جولبيس، و هي أفضل كثيرا من نسبته العام الماضي أمام نادال 62% و كانت أفضل نسبة له في الخمس مباريات الأخيرة في فرنسا المفتوحة العام الماضي هي 65% في النهائي) لكنه، على الرغم من ذلك لم يستطع فرض إيقاع لعبه حيث فاز بنسبة 59% فقط من النقاط على إرساله الأول و تعرض للكسر 4 مرات في مجموعتين مقارنة بنجاحه في الحفاظ على إرساله في نهائي العام الماضي طيلة المباراة. في حين أن روجر استخدم كرات الدروب شوت بفعالية كبيرة في المجموعة الثانية إلا أنه فشل في نقطة هامة في شوط كسر التعادل و أهدرها بغرابة شديدة (لم يلعب النقاط الهامة كما ينبغي) كما أنه حقق معدلا ضعيفا على الشبكة مقارنة بخصومه الذين يفترض أنهم أقل منه في هذا الجزء من الملعب (14/23 ضد فيرير مقابل 13/19 للإسباني حتى في المجموعة الأولى الخيالية له على الإرسال 77% معدل إرسال أول و 93% و 88% معدل كسب نقاط على الإرسالين الأول و الثاني على الترتيب فإنه كان 5/10 على الشبكة!! و في المباراة السابقة أمام جولبيس كان 12/21 على الشبكة مقابل 11/14 لخصمه الشاب) لذا لم يكن غريبا أن يكون روجر 10/20 أمام رافا على الشبكة مقابل 5/11 لخصمه العنيد، بل إنني في الواقع أرى أن هذه النسب لا يمكن إلا أن تصبح أفضل للإسباني و أسوأ للسويسري حال المواجهة المرتقبة في رولان جاروس. روجر لم يلعب النقاط الهامة كما ينبغي أيضا 3/11 في نقاط الكسر، لكنه متوقع مقارنة بأدائه في المباراة السابقة (2/9 أمام فيرير). هذه أكثر أرضية ترابية مناسبة لفيدرير، فاز على نادال في العام الماضي، لم يعد مطالبا بالفوز بفرنسا المفتوحة بعد إحرازه لقب العام الماضي، استطاع الحصول على معدل جيد للإرسال الأول، و مع ذلك خسر بمجموعتين نظيفتين!!

على الجانب الآخر فإن نادال، استطاع إزاحة حمل جديد من على أكتافه، الفوز على لاعب مصنف ضمن الثمانية الأوائل لأول مرة خلال 12 شهرا!! لا تتعجب عزيزي القارئ، فمنذ المباراة الماراثونية أمام نوفاك دجوكوفيتش في نصف نهائي مدريد 2009 و نادال لم يفز على أي لاعب أعلى من التصنيف التاسع عالميا، و في الواقع فإنه لم يفز على أحد مصنف ضمن العشرة الأوائل باستثناء الفرنسي جو ويلفريد تسونجا!! نادال استطاع أيضا إحراز اللقب على أقل أرضية مفضلة له و رغم ارتكابه 27 خطئا مباشرا و هي نسبة عالية بالنسبة لنادال في مباراة من خمس مجموعات، فما بالناب بمباراة انتهت في مجموعتين، كما تعرض للكسر 3 مرات في مجموعتين، و هو أمر مستبعد حدوثه مجددا في باريس. فوز معنوي هام جدا، و رغم ذلك فإن رافا بدا قابلا للهزيمة أمام لاعبين يسددون ضربات قوية عميقة مثل جولبيس في روما أو يستطيعون الحصول على زوايا حادة جدا من على ضرباتهم الخلفية و لا يخشون التبادلات عليها مثل ألماجرو في مدريد، جاعلا نادال عرضة للخروج من فرنسا المفتوحة حال مقابلة لاعب يلعب بأي من الأسلوبين، و هو ما يبدو مستبعدا قياسا للمستوى الحالي لهؤلاء اللاعبين.

5- استطاعت كتيبة الأرمادا الإسبانية تحقيق نتائج جيدة جدا في موسم الأراضي الرملية. فيرناندو فيرداسكو فاز بلقب برشلونة و صعد لنهائي مونت كارولو و نصف نهائي روما، فيما وصل ديفيد فيرير لنهائي روما و نصف نهائي مونت كارلو و برشلونة و مدريد. فيرداسكو و فيرير لعبا أول مباراة نهائية في بطولة ماسترز 1000 نقطة في مسيرتتهما في مونت كارلو و روما على التوالي و خسرا أمام نادال.

6- المصنفان ثالثا و رابعا نوفاك دجوكوفيتش و أندي موراي (في الواقع الجوكر قضى الموسم الترابي مصنفا ثانيا، لكنه خسره هذا الأسبوع لمصلحة نادال) واجها صعوبات جمة في مواجهة الإسبان. الجوكر خسر مرتين أمام فيرداسكو و البريطاني تلقى هزيمتين متتاليتين على يد فيرير. إذا كانت هذه النتائج مقبولة بالنسبة لموراي الذي لا يجيد اللعب على هذه الأرضية، فإنها ليست كذلك بالنسبة للصربي الذي خسر ثلاث مرات الموسم الماضي أمام نادال، حين كان هذا الأخير في قمة مستواه.

7- إذا كان سودرلينج هو ظاهرة الموسم الماضي بالتألق في بطولة العالم للفرق، ثم إخراج نادال من الدور الرابع لفرنسا المفتوحة، فإن اللاتفي إيرنستس جولبيس قد يكون حصان رولان جاروس الأسود هذا العام. لاعب يملك إرسال أول فعال و إرسال ثان مميز للغاية، يجيد التعامل مع الكرات العالية، و الأهم أنه لا يخشى أي لاعب مهما كان. أحرج نادال في روما و ظل ندا حتى الشوط الأخير، و لعب مباراتين من ثلاث مجموعات ضد فيدرير؛ فاز بواحدة و خسر أخرى.

8- تأكد انسحاب الأرجنتيني خوان مارتن ديل بوترو و الروسي نيكولاي دافيدنكو من فرنسا المفتوحة للإصابة، فيم لا يبدو الأمريكي أندي روديك أفضل من الأعوام السابقة، و هو الذي لم يلعب أي مباراة في الفردي منذ فوزه بلقب بطولة ميامي.

9- على الجهة الأخرى، فازت البلجيكية جوستين هينين بأول ألقابها بعد عودتها من قرار الاعتزال في شتوتجارت، حيث حققت الفوز على لاعبتين متألقتين هذا الموسم على الرمل؛ الصربية يلينا يانكوفيتش و الأسترالية سامنثا ستوسور، قبل أن تخسر في الدور الأول لمدريد، أمام أرفاني رضائي، لكن خصمتها على الأقل تمكنت من الفوز باللقب متخطية في طريقها يانكوفيتش و فينوس ويليامز. يانكوفيتش كانت قد نجحت في الفوز على الشقيقتين ويليامز في بطولة روما، المرة الثامنة التي تخسر الشقيقتان، اللتان تحتلان هذا الأسبوع المرتبتين الأولى و الثانية في تصنيف رابطة تنس السيدات، أمام لاعبة واحدة في نفس البطولة.

10- يبقى رافائيل نادال و جوستين هينين مرشحين فوق العادة لانتزاع لقب خامس لأي منهما في فرنسا المفتوحة. منذ أول لقب لهما في باريس، لم يخسر كل منهما سوى مباراة واحدة، رافا في 2009، و جوستين في 2004.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق